استمرار انهيار العملة يضعف من شرعية المجلس الرئاسي والحكومة وقد يعجل من سقوطهما
التقاريرماجد نصر المقطري |+ اليمني الجديد
تتجه الأوضاع المعيشية والإقتصادية في المناطق التي تخضع للمجلس الرئاسي إلى المزيد من الإنهيار ،فيما يحذر خبراء ومختصون اقتصاديون من حجم الفشل المنتظر الذي يسيطر على القرارات السياسية والاقتصادية التي تتبعها الحكومة ،حيث أن لا توجد معايير للاصلاحات السياسات الاقتصادية والمالية وأن طبيعة القرارات تأخذ طابعا شكليا مناقض للقوانين.
خلال الأسابيع السابقة زادت حدة لاضرابات من قبل الموظفين في تعز وعدن فيما ترتفع وتيرة الاحتجاجات في الجهة المقابلة يبدو المجلس الرئاسي والحكومة غير مدركين لخطورة تحرك الشارع وما سيخلقه من مضاعفات من حيث فرض الخيارات الشعبية.
وتتضاعف مشاكل اليمنيين مع الانهيار الاقتصادي وتدهور العملة، حيث مازالت العملة تنهار بشكل متسارع متجاوزة قدرة اليمنيين على تحمل تبعات الازمة الجديدة، وهناك من يربط الكارثة الإقتصادية بضعف أي حلول من قبل المجلس الرئاسي، الذي يمارس وظيفته وسلطته من الخارج ،فيما الحكومة تبدو متهربة من وضع اجراءات وقرارات ،بعيدا عن التظاهر الشكلي بالمسؤولية .
ضعف الاصلاحات
يتجه فاروق عبد الولي وهو خبير اقتصادي ومالي، إلى التأكيد أن أزمة اليمن تكمن بضعف استقلال البلد وانهيار السيادة ،بحيث أصبحت السلطة في اليمن ليس له حق تمثيل في اجراء الاصلاحات ،وهي تتهرب من وضع نفسها في مواجهة حقيقية مع القرارات الفعالة، التي ستخرج اليمن من التدمير المستمر لوضعها الطبيعي سواء على المستوى السياسي والإقتصادي.
وقال فاروق عبد الولي " سيظل اليمنيين يعانون من ضعف واقع انهيار السلطة، وتحول القرار السياسي والاقتصادي، ليكون أداة في يد الاقليم وايران لاخضاع اليمنيين لسياسات تضر بمصلحتهم وواقعهم"
وأضاف أن مايحدث هو أن واقع اليمن لم يعد بيد اليمنيين، وليس هناك سلطة حقيقية تشكلت لتمثل سلطة البلد واستقلاله، وذلك بعد انقلاب الحوثيين وفرضهم سلطة متطرفة وعنصرية .
وأتهم الحوثيين على أن ما يقومون به، هو الأمعان في الفساد والفوضى ووضع سياسات لاستهداف اقتصاد مناطق الحكومة المعترف به دوليا ، وبالإضافة إلى خضوع سلطة المجلس الرئاسي والحكومة للسياسات السعودية والإماراتية ، التي تعرقل وتضعف أي اصلاحات فعلية لخلق سياسات اقتصادية ومالية حقيقية، قد تساهم في احداث تغيرات فعالية في الكثير من الملفات .
استنزاف العملةوتأثير المضاربة
خلال الثلاث السنوات السابقة ومع تشكيلة المجلس الرئاسي، صار الوضع الاقتصادي يتجه للانهيار، فالعملة تضعف بشكل يومي ،وهي تستنزف لصالح المضاربات، وكذلك نهب الموارد والايرادات التي صارت تتقاسمها ،اطراف لها تمثيل في المجلس الرئاسي .
هذا في حد ذاته شكل تحدياً كبير لمعظم اليمنيين الذين يجدون أنهم الخاسر جراء حجم الفساد ،الذي تقوم به السلطة أما في الجانب الأخر فإن مليشيات الحوثي، أصبحت تمارس تشكيل اقتصاد خاص بها ،وهي تعمل بكل الطرق على وضع يديها على امكانيات ضخمة، من شركات كانت تابعة للدول إلى العقارات ثم الاتاوات فالحوثيين هم سبب رئيسي في التدمير المنظم لواقع الاقتصاد اليمن وتفكيك المؤسسات المالية.
لبيب غالب عبد الله سياسي يمني يرى أن المشكلة الاقتصادية والمالية، هي تعود لغياب معايير واقع وجود السلطة الفعلية ، التي ربما شكلت اقتصاد موازي بحيث ضمنت مصالح فئة محددة .
وقال لبيب " ما يحدث من انهيار اقتصادي هو في الأساس نابع من استثمار المسؤولين ،الذين ليس لهم وجود في عملهم وتأديتهم لأي دور حيث أن العمل الجاري هو ارتباط المسؤولين والسياسيين بقضاياهم الخاصة '
واضاف لبيب أن اليمن بحاجة إلى حلول واصلاحات من اليمنيين أنفسهم، وأن خلق سلطة من الخارج لن يكون له تأثير ايجابي ،بقدر ما أصبحت السلطات فاقدة للاجراءات التي تضمن تأمين مصالح اليمنيين ،على مختلف المستويات واتجه الوضع الاقتصادي والمالي فاقد للتوازن والضوابط.
قوة فساد داخل الحكومة
صابر ياسين محسن متخصص في الشؤون الاقتصادية والمالية ،وضح لموقع "اليمني الجديد" أن انهيار العملة الوطنية وارتفاع أسعار السلع له أسباب اقتصادية منها التضخم الموجود في ظل زيادة العرض النقدي، بدون زيادة موازية في الإنتاج وهذا يؤدي إلى انخفاض قيمة العملة.
وحسب رأيه فارتفاع الدين العام في حال زيادته فإنه يؤدي ذلك إلى تآكل الثقة في العملة الوطنية.
ويرى أن قوة الفساد صارت قوة موازية من داخل الحكومة والمؤسسات ،هي من تتحرك في كل الاتجاهات لفرض مصالحها ،ولذلك لم تتجه الحكومة لوضع الحلول والإجراءات الفعلية ،لمعالجة الواقع الذي يخلق كل هذه المشاكل والتعقيدات الاقتصادية والمالية.
لكنه أعتبر أن انخفاض الاحتياطي النقدي لدى البنك المركزي على أن تسبب بتراجع الاحتياطات الأجنبية، وهذا ما جعل الحكومة غير قادرة على دعم عملتها أو تغطية الواردات.
ولفت أن انخفاض الإنتاج المحلي: اعتماد الدولة على الاستيراد بدلاً من الإنتاج المحلي يزيد من الطلب على العملات الأجنبية.
وأرجع الخبير الإقتصادي أن السياسات المالية والنقدية التي تتبعها الحكومة والبنك المركزي ،هي أساس المشكلة التي انعكاسات على الوضع العام، بشقيه المالي والسياسي .
وقال " هناك سياسات اقتصادية غير فعالة اتبعت وشكلت واقع استمرار الانهيار ، مثل طباعة الأموال بشكل مفرط، تؤدي إلى فقدان الثقة في العملة وكذلك رفع الضرائب لتغطية العجز المالي يضعف القوة الشرائية."
واضاف أن تحرير سعر الصرف في اقتصاد غير مستعد، قد تنهار العملة بسرعة ،فيما تعتمد الحكومة والسلطات في اليمن على استيراد معظم السلع ، وهذا جعل الاقتصاد عرضة لتقلبات أسعار العملات الأجنبية.
وقال صابر ياسين " المضاربة في أسواق العملات تساهم في تذبذب أسعار الصرف، مما يزيد من ضغوط التضخم ،فهي تخلق اضطرابات قوية على واقع العملة ،خاصة في حال تعدد مصالح المضاربين، ففي اليمن تجري المضاربة بحرية تامة، والمضاربين لهم قوة نافذة فهم من كبار المسؤولين والتجار، ويسعى المضاربين من وراء نشاطهم الواسع تأمين مصالحهم، وتحقيق قدر كبير من الارباح في فوارق المضاربات ،إلى جانب تهريب العملات الاجنبية.