خبراء عسكريون يؤكدون أن غياب أي اصلاح لواقع المؤسسة العسكرية وتعدد الولاءات هو ما يعيق الانتصار على الحوثيين
التقاريرخالد يحيى الشرماني / اليمني الجديد
يستبعد خبراء عسكريون اندلاع معركة بين القوات المنتمية للحكومة المعترف بها دوليا وجماعة الحوثيين ،وحسب تأكيد الخبراء يرتبط مثل هذا الخيار ، بظروف سابقة خاصة خلال سنوات الحرب الماضية ، حيث لم يتشكل جيش وطني في مناطق سيطرة الحكومة المعترف بها، بشكل حقيقي ومستقل ،وبعيد عن الارتباطات الضيقة ويخضع للمؤسسة العسكرية.
ويصف الخبراء أن هناك ولاءت محددة في نطاق سياسية، أثرت على طبيعة الجيش وعقيدته ،كما أن طبيعة الخبرة تستلزم وجود جيش مهني له تجربة وتخطيط واستراتيجية هجومية ودفاعية لمواجهة كل ظروف المعارك ، وهذا الأمر يرتبط بوجود مؤسسة عسكرية فعلية ،وبشخصيات عسكرية تخرجت من الكليات والأكاديميات العسكرية، حيث تم تهميش القيادات العسكرية واغتيالهم في فترات سابقة، لتحقيق سيطرة فصائل واحزاب على واقع الجيش .
مصالح ضيقة
حسان عبد الوالي خبير عسكري ومتقاعد، يعتبر أن الواقع في أي معركة أن يكون هناك عملياً اتجاه لإصلاح للجيش، خاصة في ظل انتكاسات تعرض لها هذا الجيش، وعدم قدرته في تجاوز مساحات صغيرة خلال الحرب ،إلى جانب ازدواحية الولاء، بحيث أن هناك ارتباطات كثيرة تعتمد عليها ببعض الاطراف، وهذا ما جعل واقع الجيش غير فعال ،ما عدا قوات العمالقة التي لعبت دور في تحرير العديد من المناطق اليمنية ، وايقاف تمددات الحوثيين في محافظات عدة .
وقال حسان عبد الولي " الحديث عن معركة قادمة هو استثمار كل طرف لمصالحة ،ومحاولة خلق توازن يرتبط بهذه القوى،والحصول على امدادات ودعم لوجودها وتثبيت لسيطرتها ،فيما لن يكون هناك تقدم في مناطق تخضع لما يسمى" للجيش الوطني " حيث أن هذا الجيش يرتبط بأجندة سياسية ،بينما فشل في حماية مأرب وتحرير تعز سابقاً.
وأضاف أن أكثر ما يعني منه "الجيش الوطني" حالياً أنه مخترق لأطراف سياسية وشخصيات متنفذة ، وليس له قوة فعلية ،تمكنه من إدارة أي معركة لذا فهذه نقطة ضعفه الكبيرة ،إذ أن معظم القيادات للالوية والكتائب والسرايا، أتوا من خارج المؤسسة العسكرية ،وهم كانوا في وظائف أخرى ،ولهذا فإن الدخول إلى معركة لن يحقق انتصاراً وتقدم بشخصيات حصلت على الرتب العسكرية ، بناءً على الانتماء للحزب أو الشخصيات والوساطات والمحسوبية .
انتكاسات وتفكك في المؤسسة العسكرية
عندما أدارت القيادات العسكرية معركها ضد الحوثيين في بداية محاولات مليشيات الحوثيين التوسع ،حقق الجيش أنذاك انتصارات كبيرة ،واستطاع مواجهة الحوثيين في أكثر من جبهة.
واقع الاغتيال المنظم لواقع القيادات العسكرية وتهميشها من بداية المعركة ، أفرغ الجيش من قيادات تملك الخبرة والتخطيط في القيام بإنشطة عسكرية واسعة ،وتحقق تقدم والاحتفاظ بالاراضي التي تحررها ،دون أن تتمكن جماعة الحوثي من اعادة السيطرة عليها ..
في معركة مأرب تمكن القائد عبد الرب الشدادي من مواجهة الحوثيين ،ومنع تقدمهم واللحاق خسائر كبيرة في صفوفهم في 2015، وكذلك وقعت انتصارات في منتصف عام 2016، بل وتمكن الجيش من تحرير العديد من المساحات في محافظة مأرب، قبل أن يتم اغتيال الشدادي وتصفيته في ظروف غامضة وقتها .
خلال معارك مأرب المتعددة في فترات الأربع السنوات الماضية ،اعاد الحوثيين السيطرة على معظم مديريات مأرب ومواجهة قبائل مراد ،التي حاولت الحفاظ على العديد من مساحات التي تخضع لها في المحافظة، رغم الظروف التي تشكلت في السنوات السابقة، مع قلة الدعم وعدم وجود اسلحة ثقيلة تمتلكها ،وتؤدي إلى تحقيق توازن في واقع التسليح والمواجهة .
فيما كان "الجيش في مأرب" وقتها مهتماً بتوسيع وجوده في شبوة وأبين ،وهذا ما أدى إلى توجيه الاتهامات للعديد من القيادات العسكرية في مأرب ،أنها لم تكن لها خطوات فعالية لمواجهة الحوثيين، ولم تشارك في تسليح القبائل لوقف تقدم الحوثيين .
الأمر نفسه ينطبق على تعز، حيث كان الدور الأولى في تحرير تعز هو لما قام به القائد عدنان الحمادي ،حيث ساهم بدور اكبر في تشكيل واقع المعركة في هذه المحافظة، عندما حاول الحوثيين السيطرة على المدينة وتعزيز تواجدهم فيها.
ورغم موافقة جميع الاطراف في تعز خاصة السياسية على عدم المقاومة ، فإن عدنان الحمادي وقف ضد هذا التمدد وحدثت التطورات الاولى للمعركة التي أدت إلى اخراج الحوثيين من شرق تعز وغربها، ورغم أن بعض (الاطراف السياسية )حاولت تقديم نفسها أنها من حررت تعز ،إلا أن القائد الحمادي_ والذي اغتيال فيما بعد ضمن محاولة بعض الاطراف ،التفرد في تعز والسيطرة عليها_ قدم كل الدعم وتوزيع الاسلحة الثقيلة والدبابات ،والذخائر للعديد من الاولويات والشخصيات الاجتماعية والعسكرية في داخل تعز مع بدايات محاولات الحوثيين السيطرة على تعز.
ظل الحمادي لسنوات يعمل على ايقاف واقع سيطرة الحوثيين في اطراف مدينة تعز وريفها ،وحاولت بعض القوى محاصرة وجوده والتضيق عليه ،ويعترف القائد الحمادي في أحد خطاباته ؛أنه لولا دوره ودور اللواء 35 الذي شكله لما تحررت تعز، ورغم محاولات الحمادي تحرير دمنة خدير والراهدة وماوية، إلا أنه اُغتيل قبل تحقيق هذا الهدف .
لم يتمكن الجيش في تعز بعد اغتيال الحمادي من التقدم في أي جبهة ،ولم يحرر أي منطقة وظلت الحرب متوقفة ما بعد اغتيال الحمادي ،حيث أن غياب القيادات العسكرية الحقيقية، إلى جانب سيطرة بعض السياسيات والأجندة على واقع الجيش في تعز ،وتعيين شخصيات مدنية من خارج القوات المسلحة وهي في الأصل مدنية، فرض ظروف ارتبطت في غياب التخطيط، إلى جانب إدارة المعركة لتحرير اجزء متبقية من المدينة مازالت حتى الإن تخضع للحوثيين .
جيش من دون هوية قتالية
في السنوات السابقة تقدمت قوات العمالقة ،التي تنتمي للقوات الجنوبية والمدعومة من الإمارات ،وفرضت نفسها كقوة عسكرية استطاعت ايقاف الحوثيين ،وتحرير العديد من المناطق ،وكادت أن تصل إلى محافظة الحديدة ،كما واجهت الحوثيين في بعض مديريات تعز الغربية ،واستطاعت ايقاف الحوثيين في شبوة وايقاف تمدده .
يفسر اسماعيل منصور وهو خبير عسكري جنوبي وضابط متقاعد، سبب انتصار العمالقة ،إلى أنها لم تكن ذات خلفية سياسية ،ولم تدخل في أي صفقات لايقاف أي معركة ضمن واقع خيارات أو حسابات محددة ، بل أن العمالقة قادت المعارك بقدرة هائلة وتجاوز الخيارات الضيقة ولتي ظلت تتحكم في" الجيش الوطني " والذي تشكل فيما بعد ،حيث ظلت مصالح بعض الاطراف في داخل المناطق المحررة، وهي من عمقت الصراعات الداخلية فيماو، لكي تتمكن هذه القوى من فرض وجودها بالقوة على المنطقة المحررة.
وقال اسماعيل " هناك حل للقيادات العسكرية المهنية و ابدالها بشخصيات لا تتمتع بأي كفاءة ،وكان السبب وراء ذلك سياسي ،وهو السيطرة على واقع الجيش ،حيث أن الانتصار الذي حققه الجيش في تعز ومأرب في البداية ،هو أن المعركة اعتمدت على قيادات عسكرية ذات خبرة فعلية في إدارة المعارك والحروب ،لكن بعد تصفية العديد من القيادات ؛مثل عبد الرب الشدادي ،وعدنان الحمادي ومحمد الجرادي ،فهذا تسبب بإضعاف الجيش في إدارة المعارك بتخطيط حقيقي .