فساد واقع الحكومة يبقي الموظفين بمرتبات منخفضة بينما المسؤولين الكبار يحصلون على مرتباتهم بالعملات الأجنبية.

التقارير
اليمني الجديد - خاص

عصام عبد الولي / اليمني الجديد

تكتفي الحكومة المعترف به دوليا  بالقول أنها تقوم بصرف الرواتب وتلتزم بمسؤولياتها ، وفي خضم الارتفاع الكبير للأسعار مع بعد عام 2012 والتي أخذت منحنى تصاعدي لتأخذ الاسعار ارتفاع أكبر  عما كانت عليه، لكن ما بعد انقلاب الحوثيين على الدولة والمؤسسات السياسية والاقتصادية، فقد زاد تفكك واقع المؤسسات المالية والإقتصادية، وهذا خلق استنزاف لواقع الموارد والامكانيات الخاصة بالدولة واليمنيين  لتستخدم في اطار الحرب ومصالح الأطراف المتحاربة .

كان الحوثيون هم من عمق أزمة الدولة ،وذلك بعد أن سعوا لتشكيل اقتصاد يخصهم ويخدم مصالحهم، وحاولت المليشيات تحقيق خياراتها بتفكيك اليمنيين والدولة اليمنية والموارد، لتشكل اقتصاد الجماعة التي عملت بكل ماتملك لفرضه، ووسعت في اعداد و تشكيل خياراتها وأجندتها، وأوجدت المراكز الجمركية وفرض الضرائب والأتاوات على نطاق واسع ،في مناطق سيطرتها لتذهب الأموال كلها لصالح افراد محدودون.

الرواتب المنخفضة وبقاء سياسات الفساد

تتحدد الرواتب ومستوياتها ، وفق رأي خبراء اقتصاديين وسياسيين، بناءً على ظروف سياسية واقتصادية وقوانين ودراسات، مع إدراك أي حكومة وطنية مسؤولية ما يمكن أن يمثله الراتب من دور، في قدرته على استيفاء الشروط والالتزامات ،التي يستطيع فيها الموظف تحقيق كافة ظروفه، وتحقيق الاكتفاء بهذا الراتب لتحقيق احتياجاته على مستواه الشخصي والعائلي .

كما أن المرتبات ليست محددو فقط بمبالغ تظل دون تغير، وتكريس واقع الرواتب المتدنية كسياسة منظمة تمارسها  الحكومات الفاسدة المتعاقبة في اليمن ، فقد أخذت الأسعار ترتفع خلال السنوات الماضية مع انهيار كلي للإقتصاد بشكل منظم، وفق خيارات جماعات ومليشيات هي من تنهب الموارد وتعيق أي مظهر من مظاهر الدولة .

لكن ما يمثل أحد العوامل الإقتصادية والمالية الخطيرة، هي أن  العملة لم تعد ثابتة ،فهي  تضعف في كل يوم أمام واقع من التفلت والفساد ،والمتأجرة بالوضع السياسي والإقتصادي والمالي، فالعملة لها انعكاس سلبي على ظروف اليمنيين، وعلى واقع استقرار الوضع الاقتصادي والمالي.

ومع انهيار الوضع الاقتصادي بشكل كبير خلال الفترة الأخيرة، مازالت الحكومة الحالية المعترف به دوليا تتهرب من وضع خيارات لإنقاذ واقع الموظفين ،بل أنها تعتمد على أبقاء الرواتب بشكلها المتدني، في ظل ارتفاع اسعار السلع وانهيار العملة، مع أن هذه الحكومة تخصص ميزانيات كبيرة لمخصصات المسؤولين والوزراء وسفرهم إلى جانب تعدد مرتباتهم .

في الظروف الحالية لم تعد للمرتبات أي قيمة شرائية ،ولم تعد هذه المرتبات تكفي لشراء المواد السلعية الضرورية ،بقدر أن انخفاض المرتبات يعده الكثير من السياسيين والقانونيين على أنه أحد سياسات واجراءات السلطات الفاسدة، لكي يسيطر مسؤولون محددون على واقع الثروات واخفاء الامكانيات والاموال، لتكون ضمن مصالح طبقات وفئات محددة من المسؤولين، هي من تحصل على المرتبات الكبيرة والمخصصات والإمتيازات.

تكمن أكثر الأخطاء التي أرتكبتها  الحكومات السابقة والحالية ،التي تولت تنفيذ وظائف الدولة في المناطق التي لا تخضع لسيطرة مليشيات الحوثي، أنها لم تولي واقع المرتبات للموظفين والمواطنين اي اهتمام ،بل كانت هذه الحكومات جزء من واقع  عرقلة الاصلاحات، وتحاول ابقاء المرتبات ضمن مستوياتها الأقل ،وتحول أداء هذه الحكومة لخدمة مصالح طبقات وشخصيات وأحزاب بعينها مما كرس وظيفة محددة مرتبطة بمصالح الطبقة العليا من المسؤولين.

غياب العدالة في تحديد المرتبات

يقول فؤاد أحمد علي خبير اقتصادي ومالي " تحاول الحكومات الفاسدة والغير شرعية؛ أن تظهر نفسها أنها هي المتفضلة على الشعب والموظفين، ومثل هذه الحكومة المتخلفة تتصور أن الراتب الذي يحصل عليه الموظف والذي أحيانا لا يتعدى 25 دولار مبلغ كبير ،ويكفي لينفق على عائلة تتكون من 10 افراد ،يقوم رب الأسرة بإستئجار منزل واطعام إطفاله من هذا الراتب الهزيل، وكذلك توفير الاحتياجات اليومية الأساسية الأخرى.
وأضاف أن مسؤولين كل الحكومات  المعترف بها دوليا ،سواء أثناء وجود حكومة معين عبد الملك ،وحتى الحكومة أحمد أبن مبارك يحصل أبسط موظف جاء إلى الوظيفة، وفق المحاصصات الحزبية والشخصية على مبالغ مالية كبيرة، وهناك من حصل على الوظيفة وفق الوساطات أوسلطة والده، وكل واحد يحصل على ما يقارب 2000 دولار في الحد الأدنى بينما هناك من يحصل من الوزراء والمسؤولين ما يقارب 7000 دولار.

مصطفى عبد الواحد خبير مالي واقتصادي، أعتبر  أن واقع امتهان الموظف من قبل أي حكومة، وتحديد مرتب لا يكفي لتنقلاته اليومية ولا يكفيه لإطعام اطفاله، ويتسبب في تراكم الديوان عليه، فهذا في حد ذاته مؤشر على فساد أي حكومة تمارس هذه السياسة

وأعتبر مثل هذه الحكومة إنها تريد فرض واقع من الاذلال والاستغلال على الموظفين ،بل واستعبادهم في نطاق مرتبات قليلة تشكله هذه الحكومة وتحدده  ، لإبقاء الرواتب في هذا الحد المتدني ،فيما واقع المسؤولون في هذه الحكومة، يحصلون مرتبات كبيرة وبالعملة الصعبة .

وقال الخبير مصطفى" المرتبات المحددة للموظفين في اليمن، هي قائمة على نطاق غير عادل وغير قانوني ،ولا تخضع لإجراءات تقييمية من قبل الحكومة، والتي تضع مرتبات أقل من  أن يعيش بها فرد واحد،  وتظل هذه المرتبات ضعيفة وتخلق تدمير منظم لواقع الموظفين وحياتهم .

ووضح مصطفى أن الحكومة الحالية تمارس دور لا يخدم الموظفين ولا المواطنين، بل أن الحكومة ترتبط بتوفير تحسين واقع وزراء ومسؤولين محددوين في الخارج .

ويرى مصطفى أن  بقاء المرتبات بشكلها المعتاد، دون وجود أي استراتيجية لاعادة النظر لواقع ما يعانيه اليمنيين مع سياسات الحكومات وتلاعبها ،واخفاء مبيعات الموارد والنفط والغاز ، واستغلال امكانيات الدولة لمصالح جماعات وشخصيات، مع تعمد الحكومات الحالية في التهرب من القيام بمسؤولياتها، وتغلغل الفساد والمحسوبية والانقسامات المالية والاقتصادية في كل مفاصلها .

وقال الخبير الإقتصادي مصطفي عبد الواحد "يشكل ابقاء المرتبات ضمن أقل مستوياتها، حيث أرتفعت الاسعار عشرات اضعاف قيمتها، فيما تعدى انخفاض واقع العملة منذ وصول المجلس الرئاسي في ابريل من عام 2022، ليصبح العامان الماضيان منذ توليه أكثر ما أوصل العملة لمستوى من الضعف والإنهيار ، وفقدت قيمتها بشكل واسع .

وأضاف أن مايجري من قبل المجلس الرئاسي والحكومة هو  تغيب أي معالجات، والإعتماد على السياسات  العشوائية، وتحقيق مصالح فئات محددة دون أن يكون هناك توجه، لفرض سياسات مالية واخضاع جميع المحافظات، لسياسات مالية واقتصادية أكثر حزم ،ومنع نهب الايرادات من قبل أي طرف "

 

 

زر الذهاب إلى الأعلى