الفساد داخل الطبقة السياسية يؤدي إلى انهيار العملة وتعطيل قواعد الدولة والقانون

التقارير
اليمني الجديد

يحيى أحمد ياسر/ اليمني الجديد

التحركات الشكلية للمجلس الرئاسي والحكومة لم توقف انهيار العملة، التي ما زالت تخسر المزيد من قيمتها. وتعود الأسباب الرئيسية وراء استمرار هذا التدهور إلى عدم تبلور سياسة نقدية واقتصادية واضحة. كما أن طبيعة السياسات والإجراءات التي تنفذها الحكومة والرئاسة ما زالت تعتمد على خطوات غير فعّالة سواء على المستوى السياسي أو الاقتصادي أو المالي.

الفساد داخل الطبقة السياسية

يقول سامي ناجي المرهبي، خبير اقتصادي ومالي، إن انهيار العملة وتدهورها يعود إلى الفساد الهائل داخل الطبقة السياسية التي تعتمد على النهب والسلوك غير القانوني، حيث تذهب كل الموارد إلى مخصصات مسؤولي السلطة.

وقال سامي: "ما زالت هناك عمليات توظيف خفية لأقرباء المسؤولين، وهناك ميزانية كبيرة من العملات الصعبة تذهب لموظفين وهميين خاضعين للمحاصصات السياسية في تركيا، والسعودية، ومصر، والإمارات. غياب أي خطط واستراتيجيات فعّالة لمواجهة الفساد واستغلال السلطة هو ما ساهم في هذا التردي."

وينظر سامي إلى هذا الفساد والفوضى، ويعتقد أنهما يتطلبان تحركًا للقضاء على فساد وعبث السلطة التي تقوم على حماية مصالح السياسيين وأولادهم وأقربائهم. ويرى أن غياب القانون وخضوع السلطة في المجلس الرئاسي والحكومة للمصالح الشخصية والعائلية هو ما أدى إلى هذا الانهيار المالي والاقتصادي.

أكبر عملية انهيار للعملة

خلال الأعوام الثلاثة الماضية، شهدت العملة أكبر عملية انهيار، مما تسبب في انعكاس الوضع سلبًا على الحالة الاقتصادية والمالية للمواطنين اليمنيين الخاضعين لحكم سلطة المجلس الرئاسي. فعدم وجود حلول ومعالجات حقيقية أدى إلى خلق مزيد من النهب واستثمار موارد الدولة لصالح طبقة المسؤولين.

فطبيعة السياسات المفقودة التي تُرك جزء كبير منها كان من المفترض أن تنفذ من قبل المجلس الرئاسي والحكومة، ما أدى إلى غياب أي إصلاح اقتصادي أو مالي، وخلق حالة من العشوائية والعبث في جميع الاتجاهات. هذا الأمر جعل غياب الحلول الاقتصادية والمالية عملاً مدفوعًا بمصالح السياسيين لاستمرار ما يحصلون عليه من صفقات خاصة وفتح المجال للنهب والفساد، وهو السبب الرئيسي للتردي الحاصل في البلاد.

تعطيل قواعد الدولة والقانون

يرى أمين عبد العزيز، وهو سياسي يمني، أن المشكلة الرئيسية تكمن في تعطيل قواعد الدولة والقانون دون وجود سياسات حقيقية تتجه نحو وضع حلول طويلة الأمد لمعالجة المشاكل السياسية والاقتصادية والمالية.

وحسب رأيه فهذه الحلول كانت  بعيداً عن الوضع الحالي الذي يتمثل في استمرار انهيار الدولة للحفاظ على مصالح السياسيين. وهذا ما شجع على زيادة النهب للموارد والمصالح العامة والخاصة، وجعل الدولة وثرواتها مستباحة من قبل المسؤولين لتشكيل دولتهم الخاصة ضمن إجراءات محددة، مع سيطرة الفساد والمحسوبية على الدولة بشكل واسع.

ويعتقد أمين عبد العزيز أن الحلول يجب أن تتمثل في إعادة هيكلة الدولة وتفعيل المحاسبة والرقابة، والتخلص من السلطات والمسؤولين الذين لم يعد وجودهم قائمًا إلا لضمان مخصصاتهم والمرتبات الكبيرة التي تذهب إليهم. لذا، فإن كل أجهزة الدولة والعمل المؤسسي خاضع لحالة إضعاف من قبل سلطة تقاسمية، هدف السياسيين فيها هو النهب والحصول على أكبر قدر من المال.

وقال أمين: "الإشكالية الحالية ليست سهلة، فقد تحولت الدولة إلى غنيمة، وصار هناك فراغ في عوامل الضبط والالتزام بالقوانين. لذا، يجب انتزاع الدولة من سيطرة الأحزاب مثل اللقاء المشترك، حزب الإصلاح، الناصريين، والاشتراكيين. كما أن المجلس الرئاسي تحول إلى سلطة تساهم في تفكيك موارد الدولة، حيث أصبح لكل طرف الحق في نهب الموارد وتشكيل منظومته الفاسدة، ما أدى إلى استقلال كل طرف بالعبث بمصالح الدولة والشعب اليمني."

وأضاف أن استقلال المحافظات لصالح أطراف مثل حزب الإصلاح، الذي يحاول فرض وجوده للحفاظ على توظيفاته ومصالحه وتشكيل سلطات تحمي فساده وعبثه، وإخضاع القرار الرسمي لرغباته السياسية، إلى جانب ما يقوم به الناصريون، الاشتراكيون، والانتقالي، وسلطة المقاومة الخاضعة لطارق صالح، كل هذه التشكيلات تمثل سلطات لا تمثل الدولة أو القانون، بل تستغل الموارد لمصالح سياسية ضيقة.

زر الذهاب إلى الأعلى