انهيار العملة يخلق كارثة اقتصادية ومالية منتظرة والفساد يظل المعرقل لأي اصلاحات تمنع الأنهيار

التقارير
اليمني الجديد

تقرير / نبيل سعيد عبد الله

اصيب وحيد هيثم صالح" موظف بالذهول" بعد أن أدرك أن الاسعار لم تعد كما كانت ،فخلال الخمسة الأشهر  الماضية أرتفعت أسعار السلع الاساسية أضعاف عما كانت عليه ،لكن خلال اليومين الماضيين خرج ليشتري الدقيق والقمح والزيت والسكر فوجد ارتفاع جديد وكبير ، جعله يعود للمنزل دون أن يشتري ما يحتاجه منزله وعائلته ، فالأسعار صارت هي الجانب المخيف له ولليمنيين خاصة الذين يعيشون في مناطق المجلس الرئاسي " الحكومة المعترف بها دولياً".

خلال السنة الحالية ارتفعت الاسعار بشكل كبير، وفي الاعوام التي تولى فيه معين عبد الملك رئاسة الحكومة ،شهدت العملة تدهور متسارع، وهذا أثر فعليا على طبيعة السلع ،التي صار سعرها غير مستقر مما وضع اليمنيين أمام تحدي صعب، مع عدم قدرتهم  في تحقيق متطلباتهم الغذائية ،وهذا جعل الكثير من المواطنين يعيشون في واقع من الفقر ،وانعدام القدرة في التعامل مع الوضع الإقتصادي المالي الصعب .

ارتفاع كبير في الاسعار

توجد عدة عوامل لارتفاع الاسعار ،ورغم أن ارتفاع الاسعار مرتبط بظروف معينة، إلا أن واقع اليمن مختلف فهذا الارتفاع يقوم بشكل أساسي ، في ظل التلاعب الكبير للظروف الموجودة سواء على النطاق المالي والإقتصادي .

تجزئة الدولة هو الأكثر كارثية ،فخلال فترة الحرب تشهد اليمن انقسام في اراضيها إلى مناطق نفوذ ،تسيطر عليها أطراف متصارعة، وكل منطقة تخضع لسلطة معينة.

يعتبر سفيان أمين صالح خبير مالي واقتصادي أرتفاع الأسعار، يحدث نتيجة عدة عوامل اقتصادية، تؤثر على تكلفة الإنتاج والتوزيع، ومن بين هذه العوامل:

ويرجع سفيان التضخم على أنه أحد الأسباب في ارتفاع الأسعار، وذلك من خلال زيادة المضطربة في أسعار السلع والخدمات، بسبب زيادة الطلب أو تكلفة الإنتاج

ووضح أن التضخم يحدث عندما يزيد العرض النقدي، في الاقتصاد بسرعة أكبر من النمو الاقتصادي.

كما يتطرق إلى أن  زيادة تكاليف الإنتاج ،هو أحد الاسباب في ارتفاع الأسعار وذلك من خلال ارتفاع تكاليف المواد الخام، الطاقة، الأجور، أو حتى الضرائب يمكن أن يؤدي إلى زيادة تكلفة إنتاج السلع، مما يؤدي إلى رفع أسعارها.

وقال سفيان " الحرب والصراع المستمر في اليمن منذ عام 2015 أدى إلى تدمير البنية التحتية والاقتصادية، وتعطيل الإنتاج الزراعي والصناعي، ما تسبب في نقص المعروض من السلع والخدمات، وبالتالي ارتفاع الأسعار بشكل كبير.

وأضاف أن انخفاض قيمة العملة فالريال اليمني شهد تدهورًا كبيرًا في قيمته مقابل العملات الأجنبية، بسبب انخفاض الاحتياطي النقدي الأجنبي، وكذلك توقف تصدير النفط والغاز، وزيادة طباعة العملة. هذا التدهور في قيمة العملة يجعل السلع المستوردة (التي يعتمد عليها اليمن بشكل كبير) أغلى، مما يؤدي إلى ارتفاع الأسعار.

وأعتبر أن تكاليف النقل وسلاسل التوريد الحرب تسببت في تعطيل سلاسل التوريد والنقل الداخلي بين المحافظات، وهو ما يؤدي إلى زيادة تكلفة نقل السلع والبضائع، وبالتالي ارتفاع أسعارها في الأسواق المحلية.

وتطرق إلى حدة الأزمات الإنسانية فاليمن يعاني من واحدة من أسوأ الأزمات الإنسانية في العالم، مع وجود نقص حاد في الغذاء والمياه والدواء، ما يؤدي إلى ارتفاع كبير في الطلب على هذه الموارد الأساسية مقارنة بالعرض.

وقال "بسبب هذه العوامل مجتمعة، يعاني اليمنيون من تضخم مرتفع، وزيادة حادة في تكلفة المعيشة، مما يزيد من الأعباء على المواطنين، خصوصًا في ظل الوضع الإنساني المتدهور.

غياب واقع الدولة

مرت اسعار السلع والمواد الغذائية في اليمن بارتفاع كبير عام 2023، هذا الارتفاع في أسعار المواد الغذائية الأساسية وصل إلى 45%، وذلك نتيجة التضخم والانخفاض الكبير في قيمة الريال اليمني.

إلى جانب ذلك كان التضخم العام قد وصل لمستوى مقلق فمعدل التضخم السنوي في اليمن بلغ حوالي 10% في عام 2023. وهذا يشمل الزيادات في أسعار السلع والخدمات الأساسية.

سفيان أمين صالح خبير اقتصادي"الحرب والصراع المستمر: في اليمن منذ عام 2015 أدى إلى تدمير البنية التحتية والاقتصادية، وتعطيل الإنتاج الزراعي والصناعي.

الأخطر أن انعدام الأمن الغذائي فهناك أكثر من 50% من السكان في اليمن ، يعانون من انعدام الأمن الغذائي، مع وجود حوالي 18 مليون شخص يحتاجون إلى مساعدات إنسانية عاجلة.

في المقابل ارتفعت أسعار المستهلكين بشكل ملحوظ خلال السنوات الأخيرة بسبب الأزمات الاقتصادية والسياسية المستمرة. فقد بلغ معدل التضخم السنوي 29.1٪ في عام 2022، وهو رقم يعكس الظروف الغير المستقرة وكذلك التحديات الاقتصادية الحادة التي تواجه البلاد، بينما كان المتوسط السنوي للتضخم في السنوات العشر الماضية حوالي 21.7٪.

الفساد والمصالح السياسية

يذهب معاذ عبد العليم اكاديمي مختص في الجانب المالي والأقتصادي إلى اعتبار الفساد وغياب وجود الدولة على أنهما يلعبان دورتً كبيراً في تفاقم أزمة ارتفاع الأسعار في اليمن،

وقال معاذ "انتشار الفساد المالي والإداري إذ أن الفساد المستشري في المؤسسات الحكومية ،يعطل الجهود المبذولة لتخفيف الأعباء الاقتصادية على المواطنين كون ذلك يتسبب في تحويل الأموال العامة لخدمة مصالح شخصية"

وأضاف أن هذا ينمي شبكات النفوذ بدلاً من استخدامها لتحسين البنية التحتية أو دعم السلع الأساسية، مما يزيد من معاناة المواطنين ويدفع نحو ارتفاع الأسعار نتيجة لغياب الرقابة والنزاهة.

ويعتقد معاذ أن غياب دور الدولة في الرقابة والتنظيم قد يتسبب في  ضعف الدولة ،وعدم قدرتها على فرض القوانين والسيطرة على الأسواق، تحدث ممارسات احتكارية من قبل التجار والمستوردين. يُسمح للبعض بالتحكم في الأسعار وزيادتها بدون أي رقابة حكومية فاعلة، مما يؤدي إلى استغلال المستهلكين.

وقال "سوء توزيع الدعم والإغاثة ، في ظل غياب نظام فعال لتوزيع المساعدات الإنسانية والاقتصادية، يتم تحويل المساعدات إلى جهات فاسدة ،أو تُباع في الأسواق السوداء، ما يحرم الفئات الأكثر احتياجًا من الاستفادة منها ويؤدي إلى تضاعف الأسعار.

الجانب الأخطر فإن تعدد السلطات وتجزئة الدولة هو الأكثر كلرثية ،فخلال فترة الحرب تشهد اليمن انقسام في اراضيها إلى مناطق نفوذ ،تسيطر عليها أطراف متصارعة، وكل منطقة تخضع لسلطة معينة.

هذه من وجهة نظره فهذا يؤدي إلى التجزؤ مما يعرقل حركة التجارة، بين المناطق ويؤدي إلى فرض رسوم إضافية وجمارك غير رسمية، على السلع المنتقلة بين المناطق، مما يؤدي إلى ارتفاع تكاليف النقل وزيادة أسعار السلع.

كما أن اليمن تنتشر فيها اقتصاديات السوق السوداء وهذا نتج بسبب غياب الدولة في بعض المناطق، تسيطر الأسواق غير الرسمية (السوق السوداء) على جزء كبير من التجارة والتمويل. هذا يؤدي إلى ارتفاع كبير في الأسعار، خاصة للسلع الأساسية مثل الوقود والمواد الغذائية.

معاذ عبد العليم أكاديمي "انتشار الفساد المالي والإداري عمق الفساد المستشري في المؤسسات الحكومية مما عطل الجهود المبذولة لتخفيف الأعباء الاقتصادية على المواطنين

اتساع مدى الحرب وبقاءه، وتعدد اطراف الحرب خلق ضعف المؤسسات المالية والنقدية وذلك مع غياب سيطرة الدولة على المؤسسات المالية؛ مثل البنك المركزي في مناطق معينة أدى إلى تضارب السياسات المالية، مما ساهم في تدهور قيمة العملة المحلية وارتفاع التضخم.

 

 

زر الذهاب إلى الأعلى