لعنة السلطات والمكونات

Author Icon محمد علي محسن

أبريل 27, 2025

لست مع تلك الأصوات القائلة بأن المشكلة في حكومة احمد عوض بن مبارك . مثل هذا الطرح أعده هروبًا وتنصلًا من قول الحقيقة وبشجاعة ومسؤولية .
نعم ، بن مبارك يتحمل مسؤولية بقائه رئيسًا لحكومة لا تشبه أو تماثل أي من الحكومات في العالم ، وكان الأحرى به إحترام ذاته وواجبه ، بحيث لا يقبل على نفسه أن يكون مجرد عرابًا لمرحلة عبثية ، وواجهة لا خطاء وإخفاقات مكونات محسوبة على الشرعية شكلا ، ومتنازعة السلطات والغايات في جوهرها .
لاحظوا كم الوقت استنزفنا في معارك كلامية وإعلامية ضدا على الحكومات السابقة واللاحقة ؟ .
من خالد بحاح ، إلى بن دغر، إلى معين ، إلى بن مبارك ، ونحن محلك سر ، فلا اقتصاد تعافى ، أو ان الخدمات تحسنت ، أو أن اليمن تحررت وغادرت حالة الحرب الداخلة عامها الحادي عشر .

لدينا سلطات أمر واقع في عدن وجوارها ، وفي مأرب وفي تعز ، وهذه السلطات ينبغي ان تتحمل مسؤولية الوضعية الصعبة التي تعيشها هذه المحافظات المحسوبة على السلطة الشرعية عمومًا .
فلا الرئاسة أو الحكومة تتوافر لهما كامل السلطات والصلاحيات على هذه المحافظات كي نحاسبهما أو نثور عليهما أو على الأقل نتظاهر ونسخط إلى أن ترضخ لهذه المطالب .
عدن ولحج وابين والضالع وشبوة وسقطرى وساحل حضرموت لن تستطيع الحكومة أو الرئاسة دخولها والعمل بها دون إذن مسبق من سلطة الأمر الواقع " الإنتقالي " وداعمته الإمارات .
والحال أيضا ينطبق على مأرب وتعز ، فهاتين المحافظتين تسيطر عليهما سلطات الأمر الواقع . فمدينة تعز المنقسمة بين محررة وغير محررة ، هناك ثمة سلطة محلية هشة مسنودة بحراس الجمهورية في المخا المسنودة من الإمارات .
وهناك سلطة موازية عسكرية وأمنية مسنودة من الإصلاح وجماعات أخرى حزبية ودينية وثورية سموها ما شئتم .
إمَّا مأرب فعلى اعتبار أنها الأقرب مودة إلى السلطة الشرعية إلَّا ان تعقيدات الحالة هناك أفضت بها للإمساك بالعصا من وسطها ، وبالمواءمة بين نفوذ الجهة الداعمة للمحافظ وهي القوى المحسوبة على ثورة فبراير ، وبين كون مأرب نموذجا يجسد الشرعية بثوبها الجديد المفترض ، إذ تكون حاضنة للجميع دونما فروقات أو استئثار من أي طرف .
نأتي على المهرة ، الواقع أنها ما زالت محل صراع وتجاذب وان لم يبرز للسطح وبشكل عنيف يحدد وجهتها ومسارها ، وبرغم أنها أضحت ملاذا آمنا ومؤقتا للمكونات المحسوبة على الشرعية ، إلَّا أن قنواتها وأنشطتها ما كان لها التعبير عن وجودها لولا تدخلات الشقيقة السعودية الموجودة بجنودها وعتادها وأجندتها .
وبوجود السعودية يمكن القول أن المهرة أشبه بإمارة " موناكو " الفرنسية ، أو دولة " الفاتيكان " في روما ، محسوبة شكلا ومستقلة مضمونا .
ولا ننسى هنا حضرموت الداخل ، ففي الوقت الذي صارت فيه القوة العسكرية جزءا من الشرعية ، إلَّا أن الناظر لطبيعة السلطات الموجودة والمسنودة من الداخل والخارج ، جعل هذه القوة بلا وظيفة محلية أو مركزية محددة .
وبسبب هذا الوضعية بقت اخر فلول الشرعية رهن قدرتها على التكيف أو انفراج سياسي يحررها من ربقة التيه أو الضياع في أحقاف ثمود والعبر ...
ولمن لم يفهم أو يستوعب هذه الأزمة المركبة ، الإيام القابلة وتحديدا يومي ٢١ – ٢٢ مايو ، سيجد الحكومة والرئاسة مثل الأطرش في الزفة .
فعدن وجوارها ستعمل سلطاتها ليوم ٢١ مايو ، بينما تعز ومأرب ستوقد شعلة ٢٢ مايو ، وكلاهما اعلان التجزئة أو التوحد لن يعالجان أزمة اقتصاد أو ينيران مدنا غارقة بالظلام ..
الخلاصة هذه السلطات أضحت قوة فاعلة ومؤثرة ، أنها فوق الرئاسة والحكومة . الذين يقولون إن الحكومة أو الرئاسة يمكنهما معالجة الأزمات والمشكلات المتفاقمة منذ ما بعد الحرب ، ادعوهم لمراجعة ذاتهم ، فهذا التضليل ، وهذه الممانعة أودت بنا جميعًا إلى هذه الحالة المزرية في كافة مناحي الحياة ...

 

زر الذهاب إلى الأعلى