احتكار المظلومية

Author Icon حسين الوادعي

أبريل 21, 2025

‏يتأسس الخطاب الطائفي على “احتكار المظلومية”. فلا مظلوم من وجهة نظره إلا هو.
ولا أحد عانى من الفقر والحروب والتهميش والقمع إلا طائفته.
أما كل الناس خارج الطائفة فهم متآمرون. هم (دواعش، تكفيريون، كفار، رافضة، نواصب، عملاء، مرتزقة، فلول، شبيحة، خونة).
كل من هو خارج الطائفة متآمر ضدها ،حتى الفقير الجائع والمرأة المقهورة والطفل الرضيع.
يعتقد الطائفي أنه وحده فقط من يحق له الصراخ والاحتجاج إذا وقع عليه ظلم.

أما إذا سمع صراخًا من أي جماعة خارج الطائفة، تحتج على تعرضها للقصف أو التهجير أو النزوح أو الإبادة، فإن الطائفي يغضب ويصادر حقها في الصراخ والألم قائلًا:
“وأين كنتم عندما كنا نعاني؟ وهل هناك مقارنة بين مظلوميتنا ومظلوميتكم؟ إن صراخكم من الصواريخ التي تتساقط وتقتل أطفالكم، والمذابح التي نقوم بها ضدكم ليس إلا “مؤامرة” لشغل العالم عن مظلوميتنا الوحيدة والحقيقية والجوهرية.”

يحاكمك الطائفي لأنك لم تتعاطف معه “بالقدر الكافي” عندما كان تحت القصف، لكنه يتشفى فيك إذا رأى قنبلة تدمر بيتك وتسحق عائلتك، أو جهاديًا يذبح أطفالك ويخطف ابنتك.
(يغضب منك الطائفي إذا لم تتعاطف معه، ويشك فيك ويتهمك بالعمالة المزدوجة إذا تعاطفت معه، ويقاتلك ويتهمك بمحاولة طعنه من الخلف إذا قاتلت معه!!)
فالطائفة تعتمد على الانغلاق والخوف من الآخر وسد كل الجدران والنوافذ التي تجمعها بالآخرين.
الطائفي لا يدين القتل إلا بناء على “هوية القاتل”. فإذا كان القاتل ابن طائفتي فما يقوم به جهاد وبطولة. وكلما قتل أكثر كلما ارتفع مقامه وعلت مكانته!
والطائفي لا يتعاطف إلا بناء على “هوية المقتول” ،فإذا كان المقتول ابن طائفتي سأبكي عليه، وإن كان ابن الطائفة الأخرى سأهلل لمقتله وأبرر مقتل المزيد.

الطائفيون يحولون كفاح المواطنين نحو حياة أجمل وتعليم أرقى، وخدمات صحية أفضل إلى مطالبات حصرية طائفية حسب العرق أو المنطقة أو المذهب أو الديانة.
يشتت الطائفيون الهوية الوطنية بعد أن يقسموا أبناء الوطن الواحد إلى هويات مغلقة متقاتلة ،لا تحمل نحو الهويات الأخرى إلا الحقد ولا تفكر في علاقتها معها إلا عبر الإقصاء والإبادة.

زر الذهاب إلى الأعلى