ايران بين خيار تفكيك برنامجها النووي او مواجهة ضربة عسكرية

Author Icon محمد القاضي

أبريل 12, 2025

تتجه الأنظار الى العاصمة العمانية مسقط، حيث تجرى المحادثات بين طهران وواشنطن بشأن ملف إيران النووي و صواريخها الباليستية ، و الميليشيات المسلحة التابعة لها.. محادثات بلا شك لن تكون سهلة هذه المره على طهران التي اعتادت على استرتيجية " حياكة السجاد" المتأتية و التي تحتاج إلى " الصبر الاستراتيجي " حسب الفلسفة السياسية الفارسية..فهذه المره ايران وجهاً لوجه مع الصلف الترامبي الذي لا يمتلك الوقت لإضاعته في مارثون طويل من المفاوضات حيث تتجلى المهاره الإيرانية . ترامب يريد اتفاق سريع و ناجز على تفكيك ترسانة ايران من الأسلحة و الميليشيات، و هو على ما يبدوا قارب النجاة الوحيد لطهران لتجنب ضربة أمريكية -اسرائيلة… لم تحشر ايران في زاوية ضيقة من قبل مثل ما هو عليه الأمر اليوم ، خاصة بعد تقليم أضافرها في لبنان و سوريا، و تحييد الجماعات المسلحة التابعة لها في العراق.. من دون شك ان تصعيد الحوثيين الاقليمي و بروزهم لقيادة دفة " محور المقاومة" ، سيكون واحدا من الملفات التي سيتم بحثها في مسقط في ظل استمرار تصعيد الحوثيين و الضربات الأمريكية عليهم.

يبقى نجاح هذه المفاوضات مرهونا بمدى قبول النظام الإيراني، و على راسه علي خامنئي و الحرس الثوري، بإعلان الرضوخ لشروط الرئيس الأمريكي دونالد ترامب و بنيامين نتيناهو،، و النجاة برأس النظام الغارق في الأزمات الداخلية و الخارجية.

النظام الإيراني، و حسب تصريحات وزير خارجيته عباس عراقجي، يسعى للحصول على "اتفاق مشرف" ، على غرار عبارة "سلام مشرف"، و من موقع متساو، و هو ما لن يحصل عليه بعد تغير موازين القوى في المنطقة عقب احداث السابع من اكتوبر في ٢٠٢٣ قي غزة، و ما نجم عنها من احداث و تطورات دراماتيكية أدت إلى ضرب مشروع " محور المقاومة" و عصفت بالمنطقة برمتها. و لذا سنكون امام جولة مفاوضات صعبة بين قطبين متشددين هما الحرس الثوري و ترامب، او بالأصح جولة الفرصة الأخيرة للدبلوماسية …فالخيارات بما فيها العمل العسكري مطروحه على الطاولة لمنع ايران بشكل تام من حيازة السلاح النووي. مفاوضات تحت تهديد استخدام القوة … وهذا ما قالته المتحدثة باسم البيت الأبيض، وهو ان على ايران ان تختار اما السلام او بمعنى ادق الاستسلام، او مواجهة خيار الحرب… حرب ستخوضها طهران ، إذا قررت التعنت ، وحيده من دون مخالبها الإقليمية، باستثناء جماعة الحوثي، وهي الورقة التي تبقت لطهران و تقوم حاليا واشنطن بعملية اضعاف قدراتها العسكرية على إطلاق الصواريخ و المسيرات العابرة للحدود.

الإيرانيون يدخلون هذه المفاوضات و لديهم عدم ثقة بالرئيس ترامب و يحاولون انتزاع هذه الثقة اولاً ؛ مع ان القلق الذي يسيطر على المفاوض الايراني حيال هذه النوايا يبقى الهاجس الاهم في المرحلة الاولى من المفاوضات ، و من ثم اتخاذ خطوات جاده نحو تسوية شاملة. ايران تريد الحديث عن تبديد القلق حول برنامجها النووي و ليس إظهار الاستعداد لتفكيك البرنامج النووي، و هو المطلب الاول و الوحيد لواشنطن و تل ابيب.

تخوض طهران هذه المباحثات مع الولايات المتحدة الأمريكية، وهي عارية تماما من دعم و قدرة مخالبها الاقليمية التي كانت تستند عليها ، و من اي تضامن إقليمي معها و ساند لموقفها بسبب دعم مشاريع التطييف و الميليشيات المسلحة في دول المنطقة… ليس هذا فحسب، بل ان العمى الطائفي للنظام الايراني جعله في خصومه مع الكثير في المنطقة العربية، إلى درجه ان يذهب البعض إلى التهليل لاي ضربه ضد ايران … و السبب هو الويلات التي حلت بهؤلاء من الجماعات المسلحة التي تدعمها ايران…هذا التحول في المنطقة العربية امرا غير مسبوق، و السبب هو برنامج إيران الطائفي، و ليس النووي … فبينما تسعى واشنطن و تل أبيب الى التخلص من التهديد العسكري للنظام الإيراني، فان اولوية البعض في المنطقة العربية تتمثل في التخلص من البرنامج الطائفي للنظام الإيراني، الذي عمل على التشظي المجتمعي للمنطقة، التي بلا شك ستحتاج إلى عقود من الزمن للتخلص من تداعياته، و اعادة مسار المجتمعات على الأقل الى ماكانت عليه من تعايش.

 

المصدر: إكس
زر الذهاب إلى الأعلى