أنقذوا الدين من السياسيين

Author Icon عبد ربه السقاف الطهيفي

مارس 22, 2025

كنا ننادي منذ زمن ونقول: أنقذوا السياسة من الدين، لأن خلط الدين بالسياسة كان دائمًا بداية للفساد والتضليل. واليوم، بعد أن ضاعت السياسة وتبعثر حلمنا بالديمقراطية، وصلنا إلى مرحلة نقول فيها: أنقذوا الدين من السياسة لكي لا نخسره هو الآخر.
نرى اليوم بأعيننا كيف تحوّل الدين إلى سلاح — للأسف رخيص — في أيدي عشاق السلطة وأمراء الطمع، الذين جعلوه أداة يستخدمونها متى شاءوا، ليحشدوا الناس خلف شعاراتهم، ويصوروا أنفسهم على أنهم حماة الدين وحراس العقيدة، وهم في حقيقتهم تجار مصالح.
هذا الاستخدام المشوَّه جعل الكثير من الشباب ينفرون من الدين، ويدخلون في دوامة الشك والإلحاد، ليس لأن الدين قاصر أو ضعيف، بل لأن هؤلاء جعلوه سلعة رخيصة في أسواق السياسة.
نقولها من زمان ونرددها اليوم بقوة أكبر: نزّهوا الدين عن السياسة.
الدين علاقة فردية بين الإنسان وربه، لا علاقة له بجماعات ترفع الشعارات وتستغل العواطف لتُضل الناس وتحشدهم.
خذوا مثالًا بسيطًا: هل هناك دولة في العالم، من الغرب أو الشرق أو حتى الدول العلمانية، تمنع الناس من صلاة التراويح أو غيرها من العبادات؟
لا يحدث ذلك إلا في دول أو مناطق تحكمها جماعات دينية، تستغل الدين وتحتكره، ثم تستخدمه أداة للسيطرة.
والمثال على التراويح، ليس إلا رمزًا لتوضيح الصورة.
نحتاج إلى ازالة الفوبيا من مصطلح علمانية وان العلمانية تعني الكفر، لا يهمنا الاسم، سواء سُميت علمانية، أو مدنية، أو حتى إسلامية، فكلها مسميات لا تغني ولا تسمن من جوع إن لم يكن المضمون صحيحًا.
إيران تسمي نفسها الجمهورية الإسلامية، ومع ذلك لم يضر الإسلام أحد كما أضرته إيران.
وحزب جنوب لبنان يحمل اسم الله، لكنه لم يتقي الله في أطفال سوريا ،
المهم المضمون: الدين علاقة بين الفرد وربه، يتعبد الله كما يريد، ويُحاسب كل إنسان على عمله وحده، لا على ولائه لجماعة أو شعارات.
الدعاة دورهم الوعظ والتذكير، لا التوظيف ولا الاستغلال. والدولة يجب أن تُحكم بالعدل والقانون، بعيدًا عن استغلال الدين لمصالح الجماعات.
كل من يرفع شعارات الدين ليوظفها في الحشد والسيطرة، يُفقد الدين قداسته ويُبعد الناس عنه.
أنقذوا الدين من السياسيين... أنقذوه قبل أن نخسره كما خسرنا غيره.

زر الذهاب إلى الأعلى