الحوثي في زوايا الظل مع تغيبه كطرف السياسي مفاوض

Author Icon خالد سلمان

مارس 5, 2025

‏مهدي المشاط ومحمد عبدالسلام ومحمد علي الحوثي ومجموعة من القيادات والمسميات التجارية ، وجبة أولى على مائدة العقوبات الإمريكية بتصنيفهم كإرهابيين، وتحذر واشنطن كل الدول والشركات من التعامل مع الحوثي تحت مسمى النشاط التجاري، في ذات الوقت الذي يدخل فيه تصنيف الحوثي كمنظمة إرهابية أجنبية حيز التنفيذ .
تصنيف الحوثي الذي جاء على هيئة قرار بتوقيع ترامب شديد اللهجة ،لم يكن مسبوقاً بذات اللغة التهديدية وتوجيه خطابه المتسم بالوعيد ،بالقول لن نتسامح مع أي دولة تتعامل مع الحوثي بإعتباره جماعة إرهابية، ما يجعل عُمان التي تمثل العمق السياسي المالي الدبلوماسي للحوثي ،في مرمى التحذير الأمريكي ويجبرها على إعادة تقييم سياساتها ،خارج حسابات كسب موطئ قدم لها في اليمن عبر البوابة الحوثية ، وإعتبار دعم الإرهاب بتوفير الغطاء له هو شراكة مباشرة معه وتحدٍ للقرار الأمريكي ، مايعرض المصالح العمانية لتداعيات مثل هكذا خرق، من الإقتصاد وحتى العلاقات الثنائية.
نحن أمام مشهد مختلف عن سابق التصنيف ، حيث يُدفع الحوثي إلى زوايا الظل ،يُخرج من طاولة التسوية ، وتُلغى عنه صفة الطرف السياسي المفاوض ،إلى وضع يتطابق مع توصيف الكيانات الإرهابية المماثلة للقاعدة وداعش.
هناك جديد بكل تأكيد أكثره لفتاً للإنتباه سؤال ماذا بعد إقصاء الحوثي عن مسار التفاوض ، ومستقبل خارطة الطريق والموقف السعودي من التجريم الأمريكي لكل قرارات التفاوض مع منظمة إرهابية، تهدد المصالح الدولية والأمن والسلام العالميين؟.
السعودية ملزمة بالقرار الأمريكي ،حتى وإن توارت خلف لغة دبلوماسية تتحدث عن السلام ،في ما هي في العمق قطعاً تبارك التصنيف ،وستعمل في حال إنتقلت المواجهة من الخنق الإقتصادي إلى الصدام المسلح ، على الإنخراط بجهد دولي يسعى ترامب لتشكيله ويشمل دول المنطقة.
نحن في لحظة إنعطافة تضع تقييم أوضاع اليمن بين حدي معادلة ماقبل التصنيف ومابعده ، تفرض على جميع الفاعلين في الملف اليمني ،البحث عن قراءات مختلفة تنسجم مع قرار أمريكي دولي يذهب نحو التصعيد إلى آخر مدى.
الحوثي بعد ضرب مصادر تمويل ماكينته الحربية ،والضغط على مسارات التهريب ، ومعاناة إيران من وضع إقتصادي أوصل عملتها النقدية إلى حالة من التضخم الكارثي، أوجب إقالة وزير ماليتها ، ورفع منسوب العقوبات الأمريكية إلى درجة دفع النفط الإيراني إلى صفر تصدير ، ازاء كل هذا فإن الحوثي يجد نفسه بلا ترف الخيارات المتعددة ، يواجه حتمية مصيره بين الهروب إلى الأمام نحو الضغط على زر تفجير الحرب ،والزحف نحو مثلث الثروات ،كما يحدث الآن من مناوشات جس النبض في جنوب مأرب ، وإما الموت الحقيقي تحت تأثير تداعيات مفاعيل قرارات الخنق الامريكي الغربي الإقليمي وإنهيار مرجعيته ايران.
الشرعية هي الأُخرى في وضع الخيار الوحيد وهو تحسين وضع العلاقات الداخلية في مابين مكوناتها، والإستثمار في هذا الضغط الدولي غير المسبوق على الحوثي ، ليس بمباركة هذه المتغيرات وحسب ،بل وتوظيفها للبدء بمعركة التحرير تحت غطاء ودعم دولي واسع النطاق.
الحوثي أسقط طائرة مسيرة أمريكية في الحديدة يوم امس ، وغداً سيعاود تهديد الملاحة الدولية حال تجدد الحرب على غزة ، وفي الحالتين يعجل بذهاب اليمن إلى حرب حقيقية ربما لا تشبه سابقاتها، من حيث جذرية الأهداف والقوة النيرانية للأطراف المشاركة.
إثنان على المحك الرياض بمغادرة لغتها المقسومة على إثنين إستشعار ها بخطر الحوثي على امنها الداخلي ومن جهة ثانية. التمسك الشكلي بمبادرة السلام ، وسلطنة عمان برفع يدها عن تغطية أنشطة الحوثي السياسية والمالية ،مالم فعليها أن تعد نفسها لسداد فواتير كسر القرار الأمريكي مع إدارة لا تؤمن كثيراًبالمدوارات الدبلوماسية المرنة وأنصاف الحلول.

زر الذهاب إلى الأعلى