أنا وأنت وطارق في المشمش..
الواقع أننا إزاء افكار عالقة استعصى إنجازها ، فلا الدولة اليمنية الإتحادية تحققت ، أو أن الدولة الجنوبية تم استعادتها إلى وضعها الذي كانت عليه قبل ثلاثة عقود ونصف .
أو أن جمهورية الصالح استعادت ما خسرته، وعادت باليمنيين إلى ما قبل فبراير ومقتل زعيمها .
عندما اندلعت الحرب ضدا على الإنقلاب كان هناك ثمة مسمى السلطة الشرعية ، أطلق على الرئيس هادي وحكومته المنقلب عليهما .
وفي كل الأحوال الرئاسة والحكومة كانتا مجرد ظاهرة مرئية، في محيط معتم وفوضوي استحكمت به قوى ما قبل الدولة .
ومن أجل هذه الشرعية تدخل التحالف العربي ، وبدعم منه وبغطاء استعادة السلطة الشرعية إلى اليمن ،تم تحرير مساحة شاسعة ، وفي بضعة أشهر وصلت طلائع المقاومة والجيش إلى تخوم العاصمة صنعاء .
والان، وبعد عشرة أعوام ما زلنا عالقين ، ما بين مطرقة استعادة الدولة اليمنية ، وبين سندان استعادة الدولة الجنوبية ؟ .
ما بين إقامة الدولة الاتحادية بمضامينها الجديدة ، وبين استعادة الدولة من منظور حُرَّاس الجمهورية ؟! .
هذه هي مشكلة السلطة الشرعية ، وتحديدًا في مكوناتها غير المتوافقة أو المنسجمة مع بعضها البعض ، وهذه الوضعية أوجدت في الواقع سلطات مختلفة الغايات والمآرب .
فكل مكون يحمل رؤية سياسية ، ويسخِّر أدواته ووسائله لتجسيدها رغم تقاطعها كليا وجزئيا مع رؤية السلطة الشرعية بدولة يمنية اتحادية مركبة غير مركزية .
فالمجلس الإنتقالي صنعته الحرب ، وما ترتب عنها من أزمة بين السلطة الشرعية وبين من يفترض أنهم يمثلونها في المحافظات الجنوبية المحررة.
كما وأبرزته الحرب ودعم الشرعية والتحالف إلى واجهة الأحداث باعتباره شريكًا محاربًا للجماعة الحوثية ، ومن ثمَّ كمكون سياسي فرضته الضرورة ، ومكنته الخلافات والتباينات في كيان الشرعية، وفي التحالف من السيطرة وحمل راية استعادة الدولة الجنوبية .
وما حدث في عدن ، وقع في صنعاء وأن بطريقة مغايرة د فمكون حُرَّاس الجمهورية أوجده انقلاب الحوثيين على الرئيس الأسبق ، ورؤيته باستعادة جمهورية الصالح تتقاطع كليا وجزئيا مع رؤيتي السلطة الشرعية والمجلس الانتقالي .
تخيلوا أن الرئيس العليمي مسعاه الان استعادة الدولة اليمنية ؟
السؤال الذي يتبادر للذهن : ما الذي يمنع العليمي من استعادة الدولة وبسط نفوذها على كافة مساحة اليمن ؟!.
سأقول لكم أنه لن يستطيع بحكم افتقاره للقوة التي تمكنه من مزاولة مهامه، ولو في المحافظات المحررة ، فالسلطة تُمنح من جماعة من النَّاس أو من امتلاك القوة .
فالرئيس في الحقيقة بلا قوة وبلا نفوذ ، وبقدر ما هو ملزم بتجسيد الدولة الاتحادية وفق مضامينها المتوافق عليها في مؤتمر الحوار ؛ هناك ممانعة شديدة من طرفين مناهضين لهذه الدولة .
طرف غايته استعادة الدولة الجنوبية إلى ما قبل العام ١٩٩٠م ، وطرف غايته استعادة الجمهورية إلى ما قبل ١١ فبراير ومؤتمر الحوار .
ما الحل لهذه التوليفة المتنافرة ؟ .
ما لم يكون هناك اتفاق يجبر ولا أقول يرضي كافة الأطراف يستحيل أن تتحسن أحوال اليمنيين جنوبًا وشمالًا ، وضعوا تحت مفردة ( مستحيل ) ألف خط .
لابد أن يتخلى كل طرف من الأطراف الثلاثة ،عن رؤيته لأجل رؤية الدولة الجديدة بمضامينها العادلة ،والمنصفة لكل اليمنيين .
دون رؤية جامعة لهذا الشتات ، وهذا التنازع والصدام بسبب تعدد الرؤى ، يبقى وضعنا لا تشلوني ولا تطرحوني ، واقع يذكرني بمسلسل " أنا وأنت وبابا في المشمش" ، ففي المنتهى يكتشف ابطال المسلسل بإن اللعبة أكبر منهم ، وتجاوزت أدواتهم وحسن نواياهم ..