نقد و عتاب للدكتور رشاد العليمي والدكتور أحمد عوض بن مبارك
منذ وصول الدكتور رشاد العليمي إلى رئاسة مجلس القيادة الرئاسي في إبريل 2022م، كانت الآمال كبيرة في أن يحمل معه التغيير المنشود ليعيد لليمن استقراره وأمجاده، خاصة وأنه يحمل خلفه رصيداً أكاديمياً مرموقاً وتجربة أمنية وسياسية ذات سمعة جيدة.
ومعه جاء الدكتور أحمد عوض بن مبارك، الذي كانت فترته كوزير للخارجية في الحكومة السابقة تمنحه فرصة لبناء علاقات سياسية وإقليمية قد تساهم في استعادة ثقة الشعب، والمجتمع الدولي لكن ما جرى منذ ذلك الحين يعد صدمة حقيقية لكثير من المواطنين الذين كانوا يتطلعون إلى استعادة الدولة وبناء يمن جديد، بعزيمة وقوة، لكن الحقيقة جاءت على عكس تلك التوقعات، ليظهر بجلاء أن الأزمات التي يعاني منها الشعب اليمني اليوم هي نتيجة فشل قيادي يعكس بوضوح غياب الحلول الفعالة، والتعامل العاجز مع التحديات السياسية والاقتصادية والاجتماعية.
فعلى الصعيد السياسي، ظل العليمي وحكومته يشتركان في عدم تقديم حلول واقعية للوضع السياسي والاقتصادي المتدهور. فيما كان الشعب اليمني يأمل في حل سريع للقضية الوطنية الكبرى، استعادة روح الجمهورية وفي وضع حد للمشاكل الأمنية والانقسام السياسي والاقتصادي المريع.
لكن ما حدث كان مزيدا من التوترات الداخلية، وعمقا إضافيا للانقسامات بين فئات المجتمع المختلفة.
فالعليمي لم يظهر فقط عاجزا عن تحقيق التقارب بين الأطراف السياسية، بل يبدو أنه انحاز إلى تكريس التناقضات الحالية، بل وفتح المجال أمام فوضى جديدة لم يكن لها وجود سابق، ما أدى إلى تزايد الاحتقان الشعبي.
أما من حيث الواقع الاقتصادي، فإن الوضع يزداد سوءا مع كل يوم يمر، رغم كافة الوعود التي قدمها رئيس مجلس القيادة الرئاسي. ذلك أن الوضع الاقتصادي المتدهور، الذي يعاني منه ملايين اليمنيين اليوم، أصبح غير محتمل.
ولقد كانت التوقعات تشير إلى أن بن مبارك سيعمل على تحسين الوضع المعيشي للمواطنين، وخصوصا في ظل الحرب التي فتكت بالاقتصاد، لكن الوضع أصبح أشد سوءا.
فلقد صار هناك اقتصاد خاص بالميلشيات الحوثية كما تدهورت العملة الوطنية بشكل غير مسبوق، وزادت معدلات التضخم، وتفاقمت مشكلة البطالة، حتى أصبح ملايين المواطنين في مواجهة شبح الجوع والعوز.
والشاهد أن المعالجات الاقتصادية المأمولة التي أخذها محافظ البنك المركزي تم إلغاءها حتى صارت غائبة تماما، فيما استمر بعض المسؤولين في التغاضي عن هذه المعاناة.
ولعل ما يزيد من مرارة الوضع هو غياب أي نوع من الشجاعة السياسية والاقتصادية لإصلاح الأوضاع.
ذلك إن حكومة العليمي، على الرغم من توافر الإمكانيات المبدئية لتقديم تغييرات ملموسة، أظهرت عجزا كبيرا في إعادة بناء الاقتصاد وتوجيه الموارد نحو تحسين حياة الناس. بل كانت ردود الفعل تجاه الأزمات إما ضعيفة أو معدومة، في حين بقيت القرارات الرئاسية والحكومية عاجزة عن مواجهة المشاكل الكبرى التي تواجهها اليمن الآن.
طبعا الأمر لم يتوقف هنا، فقد كان هناك الأمل في أن يكون هناك تغيير جذري على المستوى الاجتماعي والثقافي، لكن حتى في هذه المجالات كانت الحكومة وحكام البلاد في صمت مطبق. فيما كان من المتوقع أن تقود الحكومة تحولات ثقافية حقيقية تساهم في إعادة بناء المجتمع، لكن لا شيء من ذلك حدث.
فالمؤسسات الاجتماعية والثقافية كانت ولا تزال غارقة في الروتين والفساد، بينما كانت القيادات السياسية غارقة في الشؤون اليومية التي لا تخرج عن نطاق النجاة الشخصية وحسابات السلطة الضيقة.
وإذا كان الوضع الاقتصادي والسياسي قد ألقى بظلاله على الحياة اليومية للمواطنين، فإن التعامل مع الحريات العامة كان أحد أكثر المواضيع المثيرة للجدل في عهد العليمي. فبدلاً من أن يكون هناك انفتاح على الحريات السياسية والإعلامية، بدت الحكومة الجديدة وكأنها تفضل التضييق على صوت المعارضة، ولم يُسمح بأي مساحة للتعبير الحر عن الآراء والاحتجاجات التي يرفعها المواطنون المطالبون بحياة أفضل. بل لم يكن هناك أي نوع من القبول للتغيير الحقيقي أو التوسع في المساحات الديمقراطية. فيما يتم التوجه إلى اغلاق العديد من الصحف والأصوات المعارضة، وأصبح العيش في دولة مغلقة لا يعبر عن تطلعات الشعب حتما.
وهكذا ..بينما كان المواطنون يتأملون تغييرا جوهريا في عهد الرئيس العليمي، وجدوا أنفسهم أمام واقع أسوأ مما كانوا يتوقعون. بل كانت الوعود كثيرة، لكن النتائج كانت مخيبة للآمال، خاصة عندما شهدت البلاد تصعيدا في الأزمات الاقتصادية والأمنية والسياسية.
ولنأتي الآن إلى أكثر القضايا إثارة للغضب وهي القمع والإجراءات القمعية ضد المحتجين. إن الوضع الذي وصلنا إليه في اليمن اليوم من قمع وتكميم للأفواه ليس فقط غير مقبول، بل هو دليل على أن النظام لا يعير أي اهتمام لمطالب الشعب.
لا يُعقل أن يأتي هذا القمع من شخص كان يفترض به أن يكون أكثر حكمة واهتماما بمصلحة المواطنين، لكنه اختار أن يتجاهل أصواتهم.
والواقع أن الرئيس العليمي ومعه رئيس الوزراء أحمد عوض بن مبارك بدوا وكأنهم في عالم منفصل عن الشعب، لا يسمعون صرخات المعذبين ولا يهتمون لمشاعر الملايين الذين يكابدون في سبيل لقمة العيش.
وإنه لمن المؤسف أن نرى اليوم في اليمن هذه النتائج السلبية، ونحن لا نطلب إلا أن نرى قياداتنا قادرة على تحمل المسؤولية وأن تكون قادرة على التغيير بشكل حقيقي.
لكن للأسف، يبدو أن العليمي وبن مبارك أصبحوا جزءا من المشكلة أكثر من كونهم جزءا من الحل.
فأن يتم اختيارهم لقيادة البلاد في وقت مفصلي كان بمثابة فرصة لتحقيق التغيير، عولنا عليهم ، لكنهم فشلوا في اتخاذ قرارات حاسمة لصالح الشعب.
و لذا، نقول لهم: إذا لم تجدوا حلا لهذه الأزمات، فالأولى لكم أن تبتعدوا عن المشهد السلطوي قبل أن تصبح الأزمة أكبر من أن تُحل.
إن استقالتكم ستكون أقل الضرر وتاريخ اليمن سيذكر ذلك.
صدقوني
ومع ذلك يجب أن تعلموا جيدا أننا نحترمكم لكن المشكلة الاقتصادية أنتم مسؤولون عنها رواتب الموظفين كلهم بدون استثناء..
نعم ،ماذا يعني أن موظفا عزيز نفس لا يستطيع أن يشتري حليبا لطفله.. ماذا يعني أن يستلم الجنود في جيش تعز خمسون ألف ريال يمني لا تكفي لابسط الاشياء.. وماذا يعني أن يستلم جيوش كافة المناطق المحررة من ألف ريال سعودي وأكثر شهريا.
نعم ،في الحقيقة نحن نحترمكم ونقدر جهودكم، لكن لا يمكن تجاهل الحقيقة الواضحة أن الوضع الاقتصادي الذي نعيشه اليوم هو نتيجة مباشرة لقراراتكم وأدائكم في قيادة البلاد. فأن يصل الحال بالموظف الحكومي إلى عدم القدرة على توفير احتياجات أسرته الأساسية، هو أمر محزن وغير مقبول.
وكذلك لا يمكن السكوت على وضع الجنود الأبطال الذين يدافعون عن تعز وهم يتقاضون رواتب لا تكفي لأبسط احتياجاتهم.
نعم، كيف يظل الجيش وأبناء الشعب في هذه الحالة وهم يبذلون أرواحهم في مواجهة الأعداء المتربصين؟
بالتأكيد فإن الحل العاجل في تحسين الرواتب وتحقيق العدالة الاجتماعية بين جميع المواطنين، هو الخطوة الأساسية لإعادة الثقة في القيادة.
وعليه نأمل أن تتخذوا قرارات جريئة لإنقاذ اليمن من هذا المأزق.