معضلة التضخم في اليمن

Author Icon وفيق صالح

فبراير 22, 2025

تتفاوت تأثيرات التضخم على الأوضاع الاقتصادية لأي بلد تبعاً لاختلاف أنواعه ومستوياته، فبينما هناك التضخم الناتج عن انخفاض أسعار الفائدة، وزيادة الإنفاق الحكومي والاستهلاك، وهو الصنف السائد في العديد من دول العالم المستقرة اقتصاديا، وتتراوح درجة تأثيراته ما بين 3% و10% سنويًا، حيث يؤثر على القوة الشرائية، لكنه يبقى قابل للتحكم عبر سياسات اقتصادية فعالة

هناك أيضا التضخم الذي يؤثر على الأوضاع بدرجة أكبر، ويظهر في الدول التي تعاني من هشاشة اقتصادية غير مسبوقة وتراجع في أنشطة الإنتاج، مع زيادة كميات النقد المعروضة في الأسواق، وتعقد سلاسل التوريد، وضعف البنية التحتية وارتفاع تكاليف النقل للسلع والبضائع

بالنظر إلى الظروف والعوامل التي رافقت أداء الاقتصاد اليمني خلال السنوات الفائتة، فإن هناك عوامل مختلفة ساهمت بارتفاع حدة التضخم، منها طباعة النقود في البداية، ثم تفاقم عجز ميزان المدفوعات واعتماد البلاد على الواردات بنسبة تصل إلى90% لتغطية الموارد الغذائية والاساسية والاستهلاكية، وهو مزيج من التضخم النقدي والتضخم الناتج عن ارتفاع فاتورة تكاليف الاستيراد وانهيار الناتج المحلي ونضوب الاحتياطات النقدية الأجنبية وتدهور قيمة العملة المحلية، واختلال العرض والطلب في الأسواق

تصل نسبة التضخم الجامح إلى 50% ، ويؤدي إلى تقلبات حادة في قيمة العملة وأسعار السلع الغذائية، ويزعزع من ثقة الاقتصاد الكلي، ما يؤثر بالنهاية على تراجع القوة الشرائية وتقليص الإنفاق على الغذاء الأساسي، وتفاقم العجز في مستويات الأمن الغذائي

وقد شهدت البلاد طوال السنوات الفائتة أزمات اقتصادية متلاحقة، وتقلبات سعرية حادة، تضاعفت تأثيراتها على الوضع المعيشي للمواطنين، خلال الفترات الأخيرة، مع تراجع القوة الشرائية للسكان وفقدان العملة اليمنية، قيمتها الشرائية مع تراجعها بنسبة تصل إلى 1000% من العام 2014 وحتى الوقت الراهن

عند التمحيص قليلا في نوعية ومستويات أثر الازمات الحاصلة في البلد، نجد أنها كلها تتمحور حول مشكلة التضخم، الذي أصبح خطره يتجاوز التأثير على القوة الشرائية وارتفاع الأسعار، إلى زيادة الاحتقان الشعبي والمشكلات الاجتماعية، إضافة إلى ما يلحقه من ضرر في فقدان الثقة بالاقتصاد الكلي وطرد الاستثمارات الخارجية والمحلية، وتدهور مستوى الخدمات العامة

ومع عدم وجود أي بوارد لحلحة هذه الأزمات على المدى القريب، بات التضخم في اليمن ليس مجرد مشكلة اقتصادية، بل هو عامل يزيد من تعقيد الأزمة الإنسانية والسياسية، ومع ظروف عدم الاستقرار، يصبح من الصعب معالجة هذه التحديات دون إجراءات شاملة وجهود حقيقية للتغلب على التحديات والأزمات وتحقيق الاستقرار والتعافي الاقتصادي

المصدر: منصة "إكس"
زر الذهاب إلى الأعلى