التكتل الوطني بين الإشهار والتصعيد: من الدعم إلى التحذير... لماذا تغيّر موقفه؟

Author Icon الدكتور / علي العسلي

فبراير 12, 2025

بين بيان إشهار التكتل الوطني للأحزاب والمكونات السياسية في 5 نوفمبر 2024، وبيانه في 6 فبراير 2025، يكمن تحول جوهري في النبرة والموقف تجاه الشرعية والواقع السياسي والاقتصادي.

جاء البيان التأسيسي بروح توافقية، وياليتهم تمكنوا من ضم المجلس الانتقالي الجنوبي إليهم، بينما حمل بيان فبراير لهجة نقدية وتحذيرية من انهيار الأوضاع، مع تحديد مواقف ضدية.

في بيان الإشهار، كان دعم الشرعية وأولوية مواجهة التحدي الحوثي واضحين، حيث طرح التكتل نفسه عند التأسيس—امتدادًا لتكتلات سبقته—كحليف وداعم للشرعية وحكومتها، داعيًا إلى استعادة الدولة وتوحيد القوى الوطنية.
كما أبدى، مبدئيًا، دعمه للحكومة في تحقيق الاستقرار الاقتصادي والخدمي، وتحسين العلاقات الإقليمية والدولية، والحد من انهيار العملة، وتحسين الأوضاع المعيشية.

أما بيان 6 فبراير، فجاء بتصعيد وانتقاد حاد للشرعية؛ فبعد أقل من ثلاثة أشهر من التأسيس، انقلب الخطاب نحو انتقاد أداء الحكومة ومجلس القيادة، محذرًا من غياب الدولة عن معالجة الأزمات الاقتصادية والخدمية، وتفاقم انقطاع الكهرباء والمياه، وارتفاع الأسعار، وانهيار العملة، وما يمثله ذلك من تهديد لاستقرار الشرعية نفسها، ومحذرًا من احتمالية انفجار شعبي نتيجة الفشل الإداري والسياسي.

ماذا يفعل التكتل؟ وما الذي جرى؟
كيف تحول من دعم الشرعية إلى تحميلها المسؤولية؟
من شراكة في مواجهة الحوثيين إلى تحميل الحكومة مسؤولية الأوضاع؟!
انتقل التركيز من مواجهة الحوثيين إلى انتقاد أداء الشرعية، وكأن الحوثيين لم يعودوا في صدارة المشهد!
كما تغيرت اللهجة من مناشدة الحكومة إلى تحذيرها من فقدان السيطرة، ومن الدعوة للوحدة والاصطفاف مع الشرعية إلى التحذير من الانفجار الشعبي والانحياز إليه.

يُلحظ من البيان كأنه تخلى التكتل عن دعم السلطة الشرعية واتجه نحو المعارضة، أو على الأقل لوّح بها.
وكان يُفترض—لو كان التكتل حريصًا على الشرعية—أن يوجه نصائحه أو تحذيراته عبر قنواته المعروفة، لا عبر الرأي العام، إلا إذا كان قد أبلغ ولم يُستجَب له، فحينها يكون الأمر مختلفًا.

وهذا يتطلب تغييرًا جذريًا في المنظومة كلها، إذ إن معظم الأحزاب المنضوية تحت التكتل تُمثل السلطة الشرعية، مضافًا إليها المجلس الانتقالي، وبالتالي فإنها تتحمل جزءًا من المسؤولية التي يطالب بها التكتل الحكومة ومجلس القيادة الرئاسي.
كما أن رئيس التكتل في هذه الدورة يترأس إحدى أهم مؤسسات الشرعية، مجلس الشورى!

فهل لم تُستجب مطالب التكتل، فقرر الاتجاه إلى المعارضة من داخل الشرعية؟
أم أن تصعيده مجرد ورقة ضغط للإصلاح أو للمحاصصة قبيل التغيير المزمع إجراؤه؟
المؤكد أن مواقفه تعكس واقعًا سياسيًا متغيرًا؛ فقد بدأ كحليف للحكومة، لكنه سرعان ما تحول إلى قوة ناقدة، برئاسة الدكتور أحمد عبيد بن دغر، الذي أعاد للحزبية والحراك السياسي شيئًا مما افتقدته، عبر التعبير عن المواقف في أحداث كثيرة منذ تأسيسه الأخير.

فهل يستمر في هذا المسار، أم يعيد ضبط موقفه؟

زر الذهاب إلى الأعلى