فبراير في الذاكرة اليمنية: لماذا تحولت الثورة إلى متهم؟

Author Icon توفيق الحميدي

فبراير 11, 2025

اليمني الجديد

عندما اندلعت ثورة فبراير 2011 في اليمن، حملت معها آمالًا كبيرة بالتغيير، لكنها بعد أكثر من عقد تحولت في أذهان كثير من اليمنيين إلى “سبب الكارثة”. يُلقى اللوم على فبراير باعتبارها نقطة الانهيار، بينما يُتجاهل عقودٌ من الفساد والاستبداد الذي مهّد لهذا الانفجار. لكن لماذا يصر البعض على تحميل الثورة مسؤولية ما جرى؟ ولماذا تتجه الذاكرة الجمعية إلى تفسير الأحداث بهذا الشكل؟ لفهم ذلك، لا بد من التعمق في العوامل النفسية والاجتماعية التي تلعب دورًا في تشكيل هذا الإدراك ، بلا شك هذه الطاهرة بحاجة للوقوف امامها ، ومحاولة تفكيك اسبابها ، ببساطة لانها ضد المنطق السببي ، ولبيان ذلك يمكن ارجاع ذلك الي عدد من العوامل اهمها .

-
الميل إلى البحث عن “سبب واحد” للأزمات

عندما يواجه الناس أحداثًا معقدة أو أزمات كبيرة، غالبًا ما يميلون إلى تبسيط الوضع عبر البحث عن “سبب واحد” يمكن تحميله المسؤولية. هذا الميل هو جزء من التكيف النفسي البشري مع الأحداث التي يصعب فهمها أو التعامل معها. في علم النفس، يُطلق على هذه الظاهرة “التحيز السببي” ، حيث يقوم الأفراد بتحديد سبب واحد وواضح للمشكلة، حتى وإن كانت المشكلة نتاجًا لعدة عوامل متشابكة.

في حالة اليمن، بعد الثورة والحرب، كان من الصعب على الكثيرين فهم لماذا انهار كل شيء. كانت الدولة متداعية، لكن بدلاً من البحث عن الأسباب العميقة التي تكمن في النظام القائم، أصبح من السهل ربط الفوضى بثورة فبراير نفسها، لأنها كانت الحدث الذي “فتح” الباب لهذه الأزمات. هذا التفسير البسيط يساعد في تقديم إحساس بالراحة النفسية؛ فبدلاً من التفكير في العوامل المعقدة مثل فساد النظام، وتحكم القوى العسكرية والقبلية، وتدخلات خارجية، كان من الأسهل أن يُنظر إلى ثورة فبراير على أنها “البداية” لكل ما جرى.

يشبه هذا إلى حد كبير ما حدث في العديد من الدول التي شهدت تحولات كبرى. على سبيل المثال، في الاتحاد السوفيتي، عندما انهار النظام، كان الكثيرون في البداية يعتقدون أن السبب كان “الإصلاحات الفاشلة” التي نفذها ميخائيل غورباتشوف، رغم أن انهيار النظام كان نتيجة لعدة سنوات من القمع الاقتصادي والسياسي. نفس الشيء ينطبق على اليمن: الثورة كانت السبب الأكثر وضوحًا في الذاكرة الشعبية، فبدلاً من النظر إلى التراكمات العميقة للفساد والظلم الاجتماعي والسياسي، أصبح من الأسهل تحميل ثورة فبراير مسؤولية الخراب.

الحنين إلى الاستقرار حتى لو كان زائفًا

الذاكرة البشرية مليئة بالانتقائية، وهي ظاهرة نفسية تعرف بـ “التحيز الانتقائي” ، حيث يميل الناس إلى تذكر الأشياء بطريقة تحافظ على صورة إيجابية عن الماضي، حتى وإن كانت تلك الذكريات مشوهة أو غير دقيقة. في الأوقات الصعبة أو الأزمات، يبدأ الإنسان في تذكر الماضي بصورة أكثر وردية مما كان عليه في الواقع. هذه الظاهرة تؤثر بشكل كبير على كيفية تفاعل الناس مع الأحداث التي شهدتها بلادهم.

في اليمن، بعد اندلاع الثورة وبدء الحرب، بدأ البعض يتذكر فترة حكم الرئيس علي عبد الله صالح على أنها كانت فترة “استقرار”، على الرغم من أن هذا الاستقرار كان زائفًا. كان نظام صالح قائمًا على الفساد، والمحسوبية، والقمع السياسي، وكان يشهد تزايدًا في الانقسامات الداخلية، لكن في نظر الكثير من الناس، كانت الأوضاع في عهد صالح أفضل بكثير من الوضع الحالي الذي يعانون فيه من حرب وفوضى.

هذه الذاكرة الانتقائية تمثل آلية دفاع نفسي تجاه الفوضى والمشاعر السلبية التي يواجهها الأفراد والجماعات في الزمن الحاضر. في العديد من الدول التي شهدت ثورات أو انهيارات سياسية، كان الناس يتذكرون الأنظمة السابقة على أنها كانت “أفضل” مقارنة بما تلاها من فوضى. على سبيل المثال، في العراق بعد سقوط صدام حسين، بدأ البعض يتذكر عهد النظام السابق رغم قسوته وفساده، ويعبرون عن حنينهم إليه، معتبرين أن “الحكم المستبد” كان أفضل من “الفوضى” التي تلت سقوطه.

في اليمن، تم إضفاء طابع “الاستقرار الزائف” على فترة حكم صالح، متناسين أن هذا “الاستقرار” كان يعني في الواقع تهميشًا واسعًا للمناطق والأشخاص الذين لا ينتمون إلى دائرة السلطة الحاكمة، بالإضافة إلى القمع المستمر للمعارضة السياسية. هذا الحنين إلى الماضي يعكس رغبة في استعادة حالة من “الطمأنينة”، حتى وإن كانت تلك الطمأنينة مشوهة بالفساد والتسلط.

إذن، الحنين إلى الاستقرار في فترة صالح، على الرغم من كل ما كان يعانيه اليمن من مشاكل هيكلية داخلية، هو انعكاس لحاجة الناس إلى البحث عن نقطة ارتكاز ثابتة في وسط الفوضى الحالية. هو تعبير عن قلقهم العميق حول الحاضر والمستقبل، ورغبتهم في إيجاد تفسيرات تقربهم من وضع مألوف، حتى وإن كان هذا الوضع مليئًا بالسلبيات.

- الهروب من المسؤولية عبر الإسقاط النفسي

في علم النفس، الإسقاط هو آلية دفاعية يستخدمها الأفراد أو الجماعات لنقل مشاعرهم أو مخاوفهم أو أخطائهم إلى شخص آخر أو مجموعة أخرى. بدلًا من أن يعترف الشخص بخطأه أو فشله، يفضل الإسقاط كوسيلة لتجنب مواجهة الواقع المؤلم. في حالة اليمن، هناك ميل لدى العديد من الأشخاص إلى تحميل ثورة فبراير المسؤولية الكاملة عن انهيار الدولة، مع أنهم كانوا جزءًا من النظام القديم أو من القوى التي ساهمت في تدمير الدولة عبر السنين.

الإسقاط النفسي هنا يحدث عندما ترفض بعض الأطراف الاعتراف بأن النظام السابق، بقيادة علي عبد الله صالح، كان هو المسؤول عن الفساد وتدهور الوضع السياسي والاقتصادي. بدلاً من أن يعترف هؤلاء بأن النظام كان يعاني من عيوب هيكلية وأزمات داخلية بسبب الفساد والمحسوبية، يصبح من الأسهل إلقاء اللوم على الثورة باعتبارها السبب في الفوضى التي أعقبتها. هذه الظاهرة تشبه ما يحدث في الكثير من الأزمات الكبرى حول العالم، حيث يبحث الناس عن “كلمة سر” أو “كبش فداء” يحمّلونه المسؤولية عن كل شيء، حتى لو كان الواقع أكثر تعقيدًا من ذلك.

إلى جانب ذلك، يُمكن أن يكون هذا التصرف مدفوعًا برغبة في الحفاظ على صورة الذات أو الجماعة. إذا اعترف شخص ما بأنه كان جزءًا من النظام الذي أدى إلى هذا التدهور، فهذا يعني أنه يتحمل جزءًا من المسؤولية. وبالتالي، قد يكون أسهل لهم أن يحمّلوا ثورة فبراير، أو بعض القوى الخارجية، المسؤولية بدلاً من مواجهة حقيقة أنهم كانوا جزءًا من النظام الذي أفسد الدولة.

الصدمة الجمعية وإعادة بناء السردية

الصدمة الجمعية هي مصطلح يستخدم لوصف التأثيرات النفسية والاجتماعية التي تصيب مجموعة من الناس أو شعب بأكمله بعد حدث صادم أو كارثة كبرى. في حالة اليمن، هذه الصدمة كانت نتيجة للثورة، ثم ما تلاها من حرب دمار شامل أدت إلى تفكك الدولة وفقدانها السيطرة على الكثير من المناطق. مثل هذه الأحداث تؤدي إلى تحول في الطريقة التي يرى بها الأفراد والجماعات تاريخهم وحاضرهم، ويبدأون في بناء سرديات جديدة لتفسير ما حدث.

بعد اندلاع ثورة فبراير، وفي ظل تصاعد الصراع والحرب، بدأت تتشكل لدى العديد من اليمنيين “رواية” جديدة للأحداث، حيث تم اختصار المشكلة في الثورة نفسها، وكأن الثورة كانت هي سبب كل المأساة. هذا التفكير هو جزء من التفسير البسيط للأزمات المعقدة. فعندما يحدث حدث كبير، مثل ثورة أو انقلاب أو حرب، يفضل العقل الجمعي أن يربط بين ذلك الحدث وبين ما تلاه من فوضى، حتى لو كانت الأسباب الحقيقية أكثر تعقيدًا. هذا النوع من التفكير هو وسيلة نفسية للتعامل مع الأحداث الكبيرة التي يصعب تفسيرها، لأن البحث عن سبب واحد يسهل التعامل مع الصدمة ويخفف من ألم عدم الفهم الكامل.

عندما تتعرض مجموعة من الناس أو مجتمع لصدمة جماعية، فإنهم غالبًا ما يكونون في حاجة إلى تفسير، وبناءً عليه يظهر الشخص أو الحدث الذي يتحمل المسؤولية. هذا مشابه لما حدث في دول أخرى. في سوريا، على سبيل المثال، بعد بداية الثورة السورية عام 2011، كان من السهل على بعض الفئات تحميل الثوار والاحتجاجات مسؤولية تدمير البلاد، بدلاً من فهم أن الوضع كان يزداد سوءًا بسبب سنوات من القمع والفساد من قبل النظام.

في اليمن، مع تزايد معاناة الناس من الفوضى والحرب، سعى الكثيرون إلى تفسير هذه الفوضى عبر سردية تحمّل فبراير المسؤولية عن تدمير الدولة، متناسين أن النظام الذي أفرز هذه الفوضى كان أساسًا نتاجًا من تفشي الفساد والانقسام، وأن الثورة كانت رد فعل ضد سنوات من الاستبداد، لا سببًا رئيسيًا للانهيار.

مما يزيد من تعقيد هذه الظاهرة هو أن القوى السياسية التي تضررت من ثورة فبراير استخدمت هذه السردية لتبرير استمرارها في الوضع الحالي. القوى التي عادت للظهور بعد الثورة، مثل الحوثيين أو بعض القوى العسكرية التي كانت تحت سيطرة صالح، استخدمت الإعلام والآلات السياسية لبناء هذه السردية وتثبيتها في أذهان الشعب، مما جعل من الصعب تغيير هذا التصور الجمعي بأن فبراير كانت السبب في كل ما حدث. هذه الرواية لم تكن مجرد تراكم لذكريات الناس المتألمة، بل كانت محاطة بتلاعب سياسي وإعلامي لتوجيه اللوم بعيدًا عن القوى المتورطة في الفساد وتدمير الدولة.

إذن، الصدمة الجمعية في اليمن جعلت من السهل بناء سردية جديدة حيث تصبح فبراير هي السبب المباشر في كل شيء، رغم أن الأسباب الحقيقية كانت تكمن في سياسات النظام القديم وحروب الجماعات المتصارعة، وهو ما جعل هذه السردية محورية في تفسير الفوضى التي تجتاح البلاد.

دور الإعلام في تشكيل الذاكرة الجمعية

لا يمكن تجاهل الدور الكبير الذي يلعبه الإعلام في تشكيل الرأي العام وتوجيه الذاكرة الجمعية للأحداث الكبرى، خاصة في سياق الحروب أو التحولات السياسية العميقة. الإعلام ليس مجرد وسيلة لنقل الأخبار، بل أداة قوية يمكن استخدامها لبناء أو تدمير السرديات الشعبية. في حالة اليمن، كان للإعلام دور محوري في إعادة تشكيل صورة الثورة في أذهان الناس، وتحويلها من حدث شعبي كان يطمح إلى التغيير إلى “السبب” الذي أدى إلى الخراب والفوضى.

في سنوات ما بعد 2011، ومع تزايد الصراع الداخلي وتدخل القوى الإقليمية، سيطرت مجموعات إعلامية مرتبطة بالقوى السياسية المختلفة على الساحة الإعلامية في اليمن. بعض هذه المجموعات كانت تابعة للنظام السابق، وبعضها الآخر كان مرتبطًا بالحوثيين أو التحالفات الإقليمية. كل من هذه الأطراف سعت لتوجيه الرأي العام باتجاه واحد: تحميل ثورة فبراير مسؤولية ما آل إليه الوضع.

استخدم الإعلام الموالي للنظام السابق أو الأطراف التي تضررت من الثورة، خطابًا سياسيًا يصوّر الثورة بأنها كانت “الشرارة” التي أشعلت الفوضى، متجاهلين حقيقة أن الفساد المستشري في النظام السياسي والاقتصادي كان هو السبب الجذري لانفجار الأوضاع. نفس الشيء حدث في دول أخرى شهدت تحولات سياسية، مثل مصر بعد ثورة 25 يناير، حيث كان الإعلام الرسمي يلعب دورًا في إلقاء اللوم على الثورة ويصوّرها بأنها تسببت في الفوضى والدمار، متجاهلين أن النظام الذي ثار عليه الشعب كان هو أساس المشكلة.

في اليمن، هذا التلاعب الإعلامي أسهم في خلق سردية شعبية بأن فبراير كانت السبب في تدمير الدولة، مما جعل من الصعب على الكثيرين إعادة النظر في حقيقة أن الثورة كانت رد فعل على سنوات من القمع والفساد. الإعلام لا يقتصر فقط على نقل الحقائق، بل هو أداة تشكيل للرأي العام وإعادة صياغة التاريخ بما يتناسب مع مصالح القوى المتنفذة.

وهم “لو لم تحدث فبراير”

إحدى الأفكار التي انتشرت في أوساط كثيرة من اليمنيين بعد اندلاع الحرب هي “ماذا لو لم تحدث ثورة فبراير؟ هل كان الوضع سيظل مستقرًا؟”. هذا النوع من التفكير هو جزء من التفكير المريح الذي يسعى إلى إيجاد تفسير بسيط للأحداث المعقدة، ويسهم في خلق وهم بأن الثورة هي السبب الوحيد لما آلت إليه الأوضاع. هذا التصور يعكس مغالطة معرفية تعرف بـ “المغالطة التبسيطية” حيث يُختصر الحدث الكبير، الذي كان مليئًا بالتعقيدات، إلى “ماذا لو لم تحدث هذه النقطة الزمنية؟”.

الواقع أن “لو لم تحدث ثورة فبراير” هو سؤال افتراضي لا يمكن الإجابة عليه بوضوح، لكنه يفتح الباب أمام مغالطات فكرية، أهمها أن “اليمن كان سيظل مستقرًا في ظل النظام السابق”. الحقيقة هي أن نظام صالح، الذي حكم اليمن لمدة ثلاثة عقود، كان يعاني من مشكلات هيكلية كبيرة: فساد مستشري في كل مفاصل الدولة، تهميش للعديد من المناطق والشرائح الاجتماعية، ضعف في المؤسسات الأمنية والعسكرية، إضافة إلى صراعات داخلية بين القوى السياسية والعسكرية. وبالتالي، كان من غير الممكن أن يستمر هذا النظام دون أن يواجه انفجارًا اجتماعيًا في وقت ما، حتى لو لم تحدث ثورة فبراير.

في الواقع، انهيار النظام كان مسألة وقت فقط. ووفقًا للدراسات التاريخية، فغالبًا ما تساهم الأنظمة القمعية والفساد المستشري في إضعاف قدرة الدولة على الاستمرار. هذا ما حدث في العديد من دول العالم التي شهدت انهيارات مفاجئة، مثل الاتحاد السوفيتي في عام 1991، حيث كان انهيار النظام السوفيتي في النهاية نتيجة لتراكم الأزمات الاقتصادية والسياسية لعقود طويلة، رغم أن سقوطه جاء بشكل مفاجئ للجميع.

علاوة على ذلك، حتى لو افترضنا أن ثورة فبراير لم تحدث، كان من المحتمل أن يظل اليمن يعاني من حالة من الغليان الاجتماعي، بسبب القمع السياسي والفساد المستشري. ففي هذا السياق، ربما كانت هناك ثورات أو احتجاجات أخرى، أو ربما كان النظام سيعتمد على المزيد من القمع والعنف، مما كان سيؤدي في النهاية إلى تفكك الدولة.

إذن، طرح “لو لم تحدث ثورة فبراير” هو تساؤل يفتقد إلى تحليل عميق للواقع، ويرتكب مغالطة كبيرة في اختزال مشكلة الدولة اليمنية في لحظة معينة من التاريخ، دون النظر إلى الأسباب العميقة التي أدت إلى هذه اللحظة.

الخاتمة: كيف نخرج من فخ السردية الخاطئة؟

تحميل فبراير المسؤولية هو اختزال ساذج لتاريخ طويل من الفساد والاستبداد. اليمن لم ينهَر بسبب ثورة، بل بسبب منظومة حكم استنزفت الدولة وأضعفتها. ثورات الشعوب ليست هي المشكلة، بل الطريقة التي تُدار بها ما بعد الثورة. وفي اليمن، لم تفشل الثورة، بل فشلت القوى التي كان يفترض بها أن تبني مستقبلًا جديدًا.

لفهم الواقع اليمني، علينا أن نتحرر من وهم “المتهم الوحيد”، وندرك أن ما جرى هو نتيجة لعوامل متشابكة، كان من ضمنها ضعف الدولة، وتواطؤ القوى التقليدية، واستغلال القوى الخارجية. فقط حين ندرك ذلك، يمكننا أن نبدأ في البحث عن حلول حقيقية، بدلًا من البقاء أسرى لسردية مشوهة تبرئ الفاسدين، وتدين الثورة التي حاولت إنقاذ ما يمكن إنقاذه.

زر الذهاب إلى الأعلى