طبقة سياسية مخملية مرفهة
وأخطر مافي القادم وربما أفضله، إن لدينا طبقة سياسية مخملية مرفهة ، بنت جدران بينها وبين من يجب أن تتمثل همومهم وتعمل على الدفاع عن مصالحهم والذود بكفاحية حقيقية عن حقوقهم، وهم ليسوا أعضائها وحسب، بل كل الناس ، بإعتبار هذه البلاد دائرة وجع واحد، وإن النخبة هي من تمتلك القدرة على فهم الواقع، بكل تعقيداته وتشابكاته ومن ثم العمل على تغييره ، وإعادة تركيب معادلة الوطن العادل، الذي لايهين الكرامة ولا يعض الرغيف ولا ينتهك الآدمية.
بتغييب النُخب لدورها يُراد للجميع أن يتحرك في محيط من المحبطات ، بلا أفق وبلا قيادات تتصدر الصفوف، تقود عملية التغيير بعيداً عن حافات الخطر والنزق والإنفجار العفوي غير المحمود.
ما أرادته الطبقة السياسية وهي تغسل يدها عن خطابها التثويري الحقوقي الناضج ،وتتماهى مع ماكينات الفساد الرسمي من تغييب الوعي ، لن يتحقق فالجوع يحفز على الرفض والتجاوز ،والميدان يتخطى شرنقات هذه النُخب، ويفرز قياداته من أرصفة البطالة والضياع ، من ملايين يسكنها الغبن ، قيادات تشبه بتوقها وحلمها كل الناس ، لم تألف حياة الرفاه ، لم تلمس عملة صعبة ، لم تبع الولاء للأجنبي ولم تسكن القصور الفارهة ، ولا تعرف غير هذه الحدود الملغومة بالبؤس العام وطناً لها .
العلاج بالمسكنات لم يعد يقنع الشارع ، هناك مايمكن أن نسميه بالتوافق الشعبي على قلب الطاولة في وجه الجميع ،بما في ذلك إسقاط القيادات الحزبية التي ترهلت و فقدت كفاحيتها ، بحراك شبابي داخل بُنى الأحزاب ، وفك الإرتباط بين المال السياسي ونظافة المسؤولية الحزبية، وإعادة الإعتبار للسياسة بعد أن أفقدوها قدراً كبيراً من المصداقية والشرف.
للشارع الوطني الذي صنع ثوراته المتتالية وأستوعب إنكساراتها ، إرث متراكم يساعده على تخطي سابق المثالب، ومزامنة هدم صروح الفساد برؤية ناضجة حول الوطن البديل المعافى ، وطن الحقوق المتساوية ، وإحترام التنوع وإدارة إختلاف المشاريع عبر الحوار، خارج ثقافة الثكنة وعقلية الإلحاق والضم والإقصاء، وإدعاء إحتكار الحقيقة.
الحراك القادم سيسد الخلل بين الصفوف ،سيوسع حضوره ليشمل كل الجغرافيا، ولن يسمح لذات نُخب الفساد أن تعتلي الموجة ،تسرق أحلام البسطاء وتتصدر الصفوف.
خياران أمام الأحزاب أما إزاحة الحرس القديم الهرِم والبطانات الفاسدة ، وإما أن تجد هذه الأحزاب نفسها بلا قواعد، ومنفية خارج حركية التاريخ.
الحزب ميدان كفاح وليس حقيبة وزارة ووظيفة،مرآة تطلعات الشعب وليس وجه السلطة الفاسدة.