خرافة سيكولوجية شائعة عربياً
هناك خرافة سيكولوجية شائعة عربيا مفادها أن كل من يتعرض للعنف أو الإذلال أو التهجير يتحول بالضرورة الى مقاتل أو إرهابي.
راجت هذه الخرافة لتبرير حدث 7 أكتوبر، وتعود الآن لنبرير الوجه الجهادي الاسلاموي المتطرف لثوار "فتح حلب".
الى جانب انها مقولة خاطئة نفسيا واجتماعيا، فهي أيضا خطيرة لانها تمنع المحاكمة الاخلاقية والسياسية للتشدد والإرهاب وتجعل أي نقد لأفعال الارهابيين اعتداء على الضحايا!
واذا كانت المقولة جذابة الآن لتبرير المعارضة الجهادية لنظام الإسد، فانها ستصبح عبئا على مروجيها عندما يسيطر الثائر الجهادي ويبدأ بممارسة قمعه العقائدي ضد المحَرَرين.
الانسان ليس آلة إستجابة ميكانيكية. والفرد يستجيب لنفس التحدي بطرق مختلفة. قد يستجيب للقمع عبر الانسحاب او التماهي او المقاومة المدنية او الانعزال عن الفعل السياسي والتركيز على الحياة اليومية او البحث عن بديل وطني ينقذ الجميع بدلا من استبدال المخرز بالخنجر.
أما المنخرطون في الجماعات الجهادية والشمولية العقائدية لمشروع الدولة الإسلامية فاغلبهم لم يتعرضوا لاي قمع مباشر، والعامل الرئيسي لتجنيدهم ليس اجتماعيا بل عقائدي (جاذبية الجهادية السلفية ويوتوبيا الخلافة)، وتنظيمي (قدرة التنظيم على الدعوة والخشد والتجنيد)، ولوجستي (الدعم العابر للحدود للجهاديات ) وسياسي (ضعف المشروع الوطني).
القليل من الخطاب النقدي المتشكك تجاه الثورية الجهادية قد ينفع في المستقبل القريب عندما تصبح المواجهة بين العقائدي الجهادي العائد والمواطن المسحوب من قمع الى قمع.