عودة أنصاف الآلهة!
في القرن الحادي والعشرين، عصر العولمة والانفتاح الفكري،
لا يمكن للعالم أن يتقبل فكرة تأليه القادة أو جعلهم فوق النقد. ومع ذلك، نجد في صنعاء المخطوفة نموذجًا معيبًا ومخزيًا يتجلى في ممارسات الانقلابيين القمعية تجاه الصحفيين وأصحاب الرأي.
هذه الممارسات، التي تتنافى مع أبسط مبادئ الحرية والكرامة الإنسانية، تكشف عن عقليات متخلفة لا تزال تعيش في ظلال الماضي البعيد.
مؤخرًا، خرج علينا أحد قادة الانقلاب بتصريح يثير السخرية والاستياء، معلنًا أن زعيمهم شخصية مقدسة لا يجوز انتقادها أو الحديث عنها إلا بعبارات التبجيل والتمجيد!
ما هذه العقلية التي تحاول فرض سلطتها عبر ترسيخ ثقافة العبودية الفكرية؟
غير مدركة أن العالم قد تجاوز هذه المرحلة منذ قرون طويلة.
إنَّ القادة الحقيقيين هم أولئك الذين يقبلون النقد بصدر رحب ويعتبرونه وسيلة لتقويم الأداء وتحقيق العدالة.
حتى في الأنظمة السابقة، سواء في عهد علي عبد الله صالح رحمه الله أو الرؤساء الذين سبقوه رحمهم الله جميعًا،
لم يكن هناك من يجرؤ منهم على الادعاء بأنه معصوم عن الخطأ. لقد رأيناهم يواجهون النقد في حياتهم اليومية، وأحيانًا بشكل مباشر ودون مجاملة.
ما يفعله الانقلابيون اليوم ليس سوى محاولة يائسة لقمع إرادة الشعب اليمني وكتم صوته. اعتقال الصحفيين وتعذيبهم بتهمة "الإساءة إلى رموزهم" هو انعكاس للخوف الذي يعتريهم من الكلمة الحرة.
لكن هل يدرك هؤلاء أن الشعب اليمني، وإن بدا صابرًا، لن يستمر في صبره طويلًا؟ إنَّ الشعوب لا تموت ولا ترضى بالذل؛ فهي تتطلع دومًا نحو الحرية والكرامة.
على الانقلابيين أن يتذكروا أن القرآن الكريم وثَّق في آياته الكريمة وصف خصوم النبي محمد له بأنه كاذب، ومجنون، وساحر.
هذه الاتهامات خلدها الله في كتابه ليعلم البشرية أن الحقيقة لا تخشى النقد،
وأنَّ الحقائق الساطعة لا تضعف أمام الأكاذيب.
إذا كان الرسول الكريم نفسه قد واجه النقد والتجريح، فكيف يمكن لقادة الانقلاب أن يدَّعوا القداسة وأنهم أنصاف الآلهة؟
إلى متى ستستمر هذه المهزلة؟ الشعب اليمني، لن يقبل أن يعيش في ظل طغيان فكري وقمع لحرية الرأي.
إنَّ الصحافة ليست عدوًا للسلطة الواثقه من نفسها بل شريكًا في تصحيح مسارها. وكل يوم يقضيه صحفي في سجون الانقلابيين هو وصمة عار جديدة على جبين هذه الجماعة.
أطلقوا سراح الصحفيين فورًا،
وتوقفوا عن اضطهاد أصحاب الرأي.
اعترفوا بأن العالم قد تغير، وأن الشعوب التي تُسلب حريتها ستنتفض يومًا لاستعادتها. التاريخ لا يرحم الطغاة، والشعب اليمني يستحق أن يعيش بحرية وكرامة، بعيدًا عن أهواء قادة قادمين من كهوف الماضي يحاولون فرض قدسيتهم على مجتمع حر ولا يستطيع الحياة بدون حريته.
وفي الختام، الحرية ليست مجرد شعار، بل هي ضرورة حياة لا يمكن مصادرها أو تغييبها.
الشعب اليمني أثبت عبر تاريخه الطويل أنه قادر على تحدي الطغيان وانتزاع حقوقه، مهما كانت قوة الجلاد.