ليس من العدل أن يصبح رجل السلطة فوق الوضع العام
قبل أن ينتهي كل شهر تبدأ رواتب موظفي الدولة الكبار ،في شق طريقها أليهم وبالدولار ، والريال السعودي ،وربما الدرهم الأماراتي، وعبر تحويلات هائلة واسعة النطاق أو عبر طائرة، تقوم بنقل أموال ضخمة إلى مسؤولين من دون أي وظيفة، أنما وجدوا ليمارسوا ذات الخبرة والسلوك المعتاد في العايش في الفنادق واستثمار أموال الدولة، حتى أن اليمنيين صاروا يشعرون في كل ظروفهم أثناء هذه الحرب، أنهم لا يملكون مسؤولين وقيادات، وأن هؤلاء الذين يحكمونهم هم الأسواء وأتوا وفق خيارات اقليمية ودولية.
لو تأخرت رواتب هؤلاء المسؤولين ولو ليوم واحد أو أسبوع، سواء أرتبط هذا التأخير برئيس مجلس الرئاسة ونوابه، والمجلس الاستشاري واعضاءه ،والحكومة والوزراء، واعضاء مجلس النواب ، لحدثت أشياء وربما ستتحرك قوة القانون والنفوذ الخاص بكل طرف، لانتزاع الراتب بالشكل الذي يؤدي إلى عدم تأخيره مرة أخرى ، ومادام الموظفين اليمنيين الذي لا يتعدى راتب الواحد منهم 25 دولار وأكثرهم ارتفاعاً بما يقارب راتبه 50 دولار، فذلك لا يعني شيئ لهذه السلطة ،بل يجب أن يجوع كل اليمنيين لتصل مرتبات السلطة والحكومة في وقتها .
اشكالية رجل السلطة في اليمن أنه فاسد ،وهناك منظومة من القواعد و الظروف والقوانين والقيم والسلوكيات تساعده في هذا الفساد ،بل أن الدور الاقليمي والدور الدولي يعمل في ذات الاتجاه ،دعم كل هذا الفساد والتعامل معه والتعايش مع مجموعة من الانتهازيين ،الذين حولوا السلطة والمال العام لملك خاص ،وصارت هناك اجراءات وارباح وفوائد داخل الحكومة والمجلس الرئاسي، وفي منظومة كل محافظة أو مؤسسة حكومية ،وهذا أصبح هو شكل النظام المعتاد والمستمر ، وهذه الأجندة تحدد فساد طبقة رجال الدولة، الذين يريدون ضمان مصالحهم وأرباحهم وفسادهم وحمايتها وتغلغلها .
ربما لا يدرك من يحكم في اليمن أنهم معزولون وغير شرعيين ،وهذه حقيقة يدركها اليمنيين البسطاء الذين تعذبهم هذا السلطة الشاذة ،التي تذهب إلى ما هو أبعد من الفساد، فهي تغيب الحلول السياسية والمالية والاقتصادية لإبقاء منظومة فسادها ،ولابقاء سياساتها المتعطشة في تدمير كل شيئ.
وكل ما يجري من عبث لا ينتهي، وهو تدمير منظم يرتبط بسياسة السلطة التي تريد أن تضمن بها تطوير أدوات الفساد واشكاله ،وتهريب الأموال ،وتحويل الوظيفة العليا في الدولة لتكون ضمن الاشكال الثابتة، في تدمير حياة شعب لم يعد لديه ما يأكله في اليوم الواحد.
بل أن شكل الراتب المتدني والضعيف دليل على خطط هؤلاء وعبثهم، وطرق نهبهم لكل شيئ، حتى الموظف الاصغر لابد أن يظل يعاني من قانون الفساد الذي يبقي الأجور في هذا المستوى من التدني، ليكون للسلطة وقياداتها اموال هائلة وكبيرة ،فهذا من ناحية سياسة استغلال ،وفي جانب أخر يرتبط الأمر بوضع كل مقدرات اليمنيين سواء ارتبط الامر بالثروات والموارد والاجور ،لتكون بيد المتطفلين والفاسدين، ليصبح قرار الفائدة محدود بسلطة ضمن عوائل مختلفة، مرتبطة ضمن اشكال وعلاقات معقدة وثابتة ومستمرة .
يحصل الموظف الاعلى والمسؤول في هذه السلطة ، والذي صار مغترباً على الامتيازات والمخصصات والفنادق،وبدل النقل والملبس والسكن، والعطر والمكيف والسيارات الخاصة والهواتف، واشكال المنازل العصرية ،وهناك الآف الدولارات تصل اليهم وهم يتسكعون في شوارع الرياض والقاهرة، وأنقرة وأبو ظبي والدوحة، فيما اليمنييون يمرون بواقع سيئ ،مع انهيار الاقتصاد وانهيار العملة، ورغم كل ذلك يذهب المجلس الرئاسي والحكومة لتغيب الحلول ،واظهار نوع من امتهان اليمنيين ليستمروا بهذا العبث، بل ومحاولة القفز عليه دون أن تكون هناك معالجات وحلول .
ليس من العدل أن يصبح من هو في واقع قيادة السلطة ليصبح فوق الوضع العام، الذي نعيشه والذي يفوق تحملنا نحن الموظفون الصغار ،فهذا يدل أن من يحكمنا لم يبني نفسه على الكفاءة والاستقلالية والمعاييرية ، بل أن هؤلاء المسؤولين في السلطة الرخوة لديهم قانونهم الخاص، وهو الاعتماد على القيم الفاسدة، واستغلال واقع الحرب لتشكل بيئة من التدمير ،وفرض وجودهم بإنهاك واقع الشعب وظروفه ومعيشته ورغيفه، وتدمير مستقبل اطفالنا وتعليمهم .
قبل كل شيئ وضمن أي حلول، لابد أن ينتهي قانون الأجور الفاسد، الذي منحه المسؤولون والسلطة لنهب الاموال في كل الاتجاهات، ومنح الفاسدين القدرة في تحديد الراتب الذي يناسبه ،بينما يمنح الموظفون الاصغر براتب شهري لا يكفي لشراء ابسط الاحتياجات.
بل أن الراتب المخصص للموظفين الذين هم أمثالنا، منعنا من أن نحصل ولو ليوم واحد على ما نريده، فنحن محرومون من شكل هذا الراتب من التنقل والمأكل وتعليم اطفالنا ،أو توفير ما يضمن لنا الغذاء الجيد وصار هذا الراتب مجرد لعنة لا نعمة، بينما المسؤولون و قيادة السلطة تملك الاموال والمخصصات ،وتعيش في الخارج وتملك كل أدوات رفهيتها بعيداً عن اليمن.
هذا السلطة تريد المن علينا أنها تمنحنا الراتب، بينما نحن من يجب أن نحاسبها على هدرها للمال العام ونهبها لكل الامكانيات والموارد ، وتحويل الاموال الخاصة بالشعب لتكون ضمن تصرف شخصيات فاسدة، وعوائل تريد احتكار وابقاء كل شيئ تحت يدها ،دون منح الشعب حقه ومصيره وقراره .