عندما طرح الحوثيون الدولة أرضاً ومسح المؤسسة العسكرية ونسف التعايش الوطني
يخالجني احساس اننا نعيش شيئاً قد حدث بتأثيره النافذ. منذ عام وانا ارى اني او اننا في نهاية 2014 وبداية 2015 في اليمن ولكن على نطاق اوسع اقليمي ودولي هذه المرة.
ماذا حدث لحظتها؟
تواضع واتفق الجميع على ان يتركوا الحوثي يفعلها. الحوثي جماعة فتية مقاتلة بلا كوابح. وهناك تواطوء على مستويات عدة محلية واقليمية ودولية على تقليص نفوذ جماعات عديدة حتى يستوى الملعب السياسي والإداري لادارة التحول المأمول في اليمن.
من سيفعلها غير الحوثي. لقد رأي البعض في الحوثي اداة مناسبة للاستخدام يمكن من خلالها كبح "القوى التقليدية"، لجم القبلية والمشائخ وازالة تجمعات السلفيين وغربلة المؤسسات الامنية والعسكرية من نفوذ الاخوان. واهم من هذا بنظر الأمريكان هو نشوء كيان مضاد جاد في محاربة القـ اعدة والمتطرفين.
بالفعل فعلها الحوثي لكنه في الحقيقة طرح الدولة ارضاً ومسح المؤسسة العسكرية، ونسف التعايش الوطني وطيف المجتمع وقسم اليمن وانهى الحزبية والتعدد وارتكب انتهاكات لا حصر لها وادخل المجتمع اليمني في دوامة عنف لا نهائية. وتعاون مع المتطرفين في تعاون عابر للحدود يتجاوز اليمن، ووضع اليمن بكلها تحت خدمة النظام الإيراني.
في المحصلة استلزم الأمر كبحه دون نجاح كامل وبكلفة مالية تقدر بمئات المليارات وانهار الاقتصاد الوطني اليمني وتعاظمت تهديدات الامن والسلم الدوليين والملاحة العالمية وارتفعت مخاطر التنمية في الاقليم بقدر ما ارتفعت قدرات الحوثي على الضرر العابر للحدود.
وبعد ان كان السلفييون في تجمعات ومدارس اصبحوا قوة عسكرية ضاربة، وتحولت الأحزاب إلى ميليشيات مسلحة، ولم يتم القضاء على الاخوان وتعزز دور القبيلة وتشتت شمل اليمنيين إلى درجة ان استكمال الانتقال السياسي اصبح في طور المستحيل.
هذا ما يحدث على نحو ما في المنطقة العربية حيث يهلل البعض ان يقضي الكيان على الجماعات الاسلامية ويسوي بالارض تواجد حزباله ويذل ايران.
والعجيب انهم منتظرون حصد النتائج.
يتضح من تجربة اليمن ان اي تخاذل عن الدفاع عن الكيان الوطني كارثة. والتنازل عن سيادة الدولة الترابية نكبة حضارية وان تصفية الخصوم بقوى غير وطنية وغير دولتية جريمة بحق الاجيال. ويظهر دون شك ان الطرف الذي اقدم على العنف لن يتوقف عند حد ولن يدخر الحلفاء ولن يسلّم حصاده لغيره.
وهكذا ستكون النتيجة المتوقعة. دمار لا عافية بعده وعنف مركب وخضوع كلي للقوى التي بلا كابح والتي تغذيها اوهام الاستعلاء الديني والتفوق الإثني والاصطفاء والقدرة الكلية.
مصطفى ناجي