العليمي والبرهان
عندما تنظر إلى المشهد السوداني وتبحث في عواصم الدول العربية، لن تجد قصورًا أو فنادق في تلك العواصم يقيم فيها أي مسؤول رفيع من السودان. كل قيادات السودان، بدءًا من الرئيس البرهان حتى أصغر مسؤول حكومي، يتوزعون في ولايات السودان. البرهان في قلب البلاد، ونوابه يخوضون حرب استعادة سيادة السودان وهزيمة ميليشيات الدعم السريع.
لا يمكن بأي حال من الأحوال أن تجد بلدًا يخوض حربًا ضد تمرد أو استعمار بأي شكل من الأشكال، وقادة هذا البلد يقيمون خارج البلاد ويقودون المعارك من فنادق خمس نجوم. السودان مثال حي على القيادة والشعب اللذين يحققان الانتصارات كل يوم، وها هم اللاجئون في مصر وغيرها من البلدان قد بدأوا في العودة إلى وطنهم.
نشعر بمرارة القهر ونحن نعيش حالة من الضياع بكل تفاصيلها. نحن التائهون في هذه الأرض، نعيش حربًا ولا نخوضها. أغلب محافظاتنا ذات الكثافة السكانية تحت الاحتلال الخارجي الإيراني، ولا نملك قرار المقاومة. اقتصادنا ينهار، وشعبنا يواجه الموت جوعًا، ولا يسمح لنا بتصدير النفط والغاز. حتى الصراخ من شدة الأوجاع والجوع وانتشار الفقر أصبح ممنوعًا.
نحن البلد الوحيد الذي يتقاضى فيه الجندي راتبًا قدره 50 ألف ريال، أي ما يعادل 24 دولارًا، بينما يتقاضى الوزير راتبًا يقارب 600 ضعف ذلك المبلغ. نعيش واقعًا لا منطق فيه ولا معقول على جميع المستويات: سياسيًا، وعسكريًا، واقتصاديًا.
نحن البلد الوحيد الذي يحكمه نظام المجلس الرئاسي، وغالبية أعضائه يُلقبون بالرؤساء. نحن البلد الوحيد الذي تتفاوت فيه أسعار العملة الوطنية مقابل العملات الأجنبية من محافظة إلى أخرى بشكل غريب، والبلد الوحيد الذي تُفرض فيه عمولة تحويل داخلية من محافظة إلى أخرى تقارب 400% من مبلغ الحوالة. أسعار النفط تختلف من محافظة إلى أخرى بفوارق تصل إلى 150%.
نحن لا نشبه أحدًا في هذا العالم، نحن عالم من الضياع لوحدنا. الرئيس يشكو، الحكومة تشكو، الوزير يشكو، النواب وكل مسؤول يشكو. الجميع يشكو من الجميع، والجميع يكيد للجميع.
هذا هو واقعنا وهذه هي حقيقتنا. لا يوجد شعب تقطعت به السبل حتى بالصراخ مثلنا. لذا، ننظر إلى السودان وانتصاراته بشغف، بشغف الشعب المحروم من الفرح. نرى البرهان، رئيس السودان، في الميادين يقود معارك تطهير السودان من التمرد، ونشعر بفرحة الشعب المتعطش لقائد مثله، يقود معاركنا وينتشلنا من حالة الضياع التي نعيشها.
ما نراه في السودان اليوم ليس فقط انتصارات عسكرية على أرض المعركة، بل هو انتصار للروح الوطنية والشجاعة في مواجهة التحديات. هذا ما نفتقده في واقعنا اليمني، حيث التوهان والفرقة يغلبان على كل محاولات النهوض. ولكن رغم كل الصعاب، يبقى الأمل موجودًا في أن يأتي يوم نرى فيه قائدًا يخرجنا من هذا الواقع المرير، ويعيد إلينا إحساس السيادة والانتصار على الاحتلال الايراني الفارسي وعلى الطائفية والمناطقية والأيام تمر، والتحديات تتزايد، لكن مع كل شروق شمس، يبقى هناك أمل في الله سبحانة وتعالى وفي ارادة الشعب في تغيير الواقع واستعادة الجمهورية اليمنية بكامل محافظاتها ومؤسساتها الدستورية باذن الله !!