تهجير العرب ومحو غزة من الوجود
ما يزيد عن ١٤٣ ألف شهيد وجريح، ونحو عشرة آلاف مفقود. أغلب الضحايا من الأطفال والنساء. أبيدت الأرض بما عليها ومن عليها، وبعد عام من الإبادة ها هي إسرائيل تبدأ في استخدام البراميل المتفجرة شمال غزة. تمحو غزة، حرفياً، من الوجود. لتكتمل النشوة احتشدت أحزاب الائتلاف الحاكم، قبل يومين، على تخوم غزة وتحدث الساسة والإلهيون في كرنفال صاخب وضاج عن الاستيطان في غزة، عن ضرورة تهجير العرب، وعن قوة إسرائيل. وقالت وزيرة من الحكومة الراهنة: لا يوجع العرب شيء كمثل استلاب الأرض منهم، وهذا ما ينبغي أن نفعله.
على حدود هذه الإبادة الوحشية تعمل الحكومات الغربية (المنتخبة ديموقراطياً) على توفير التغطية القانونية والسياسية التي تتطلبها الجريمة. تقاتل ألمانيا بضراوة في لاهاي لمنع محكمة الجنايات الدولية من إصدار قرارات ضد إسرائيل. يهدد المشرعون الأميركيون الأمم المتحدة نفسها بحرمانها من كل أشكال الدعم في حال مست قراراتها بإسرائيل أو "بسمعة إسرائيل". العالم الديموقراطي، باستثناءات قليلة، يقف منذ عام كامل في المكان نفسه: بما إن إسرائيل دولة لليهود، واليهود مجتمع أوروبي ديموقراطي (يشبهوننا)، فلا ينبغي التشكيك بطهارة أفعالها.
بعد عام كامل من الإبادة الجارية، والنار ذات الوقود، تقول وزير خارجية ألمانيا إنه من حق إسرائيل قتل المدنيين للوصول إلى الإرهابيين. ما قالته السيدة بيربوك هو ما يردده الميديا في ألمانيا منذ عام. من المشاهدات المألوفة أن تسمع، على سبيل المثال، سياسيا وبرلمانيا مرموقاً مثل كيسڤيتر (عن المسيحي الديموقراطي) وهو يتحدث في ندوة تلفزيونية بدم بارد: المعادلة واحد إلى ثلاثين، يجوز أخلاقياً قتل ثلاثين شخصاً للوصول إلى إرهابي واحد، هذه كانت معادلتنا في أفغانستان أيضاً.
تحت اللحاء الأببض الناعم للديموقراطية
ثمة أشواك وبراميل متفجرة وأسفار مقدسة ونفاق مترامي الأطراف.
م غ.