مسميات كرتونية زائفة للمقاومة
ثلاثون ألف ريال سعودي راتبه الشهري غير النثريات ، وتسعون مليون مخصص المحافظة بيده ، وفندق إقامة ، ملايين تصرف لمحافظ بلا قطعة أرض واحدة محررة ، ولا دعم لمقاومة ، ولا مد يد العون لأسرة مختطف أو إعالة أطفال قتيل أو سجين.
الأرقام أعلاه لمحافظ إب المعين من قبل الشرعية، كنموذج لحالة عامة تنخر الجهاز التنفيذي الرسمي، وترمي بكتلة من ظلال الإحباط على المزاج السياسي المعنوي العام ، تضعف الرهان على موضوعة التحرير بأيدي الفساد ، وتفرض المقارنات بين الحوثي الباسط على الأرض بقوة السلاح وشكيمة العدوان، والشرعية الممعنة في حالة الإسترخاء والخطابات غير قابلة للتسويق، لخلوها من المصداقية والفاعلية خلف خطوط الحوثي ورداءة الإختيار.
إب ليست إستثناء هي واحدة من محافظات غير محررة ، تُنهب بإسمها المال العام ، دون أن تحمل لا مشروع تحرير ولا دعم مقاومة ولا تحريك الشارع المثخن بفاسدين: أحدهما الحوثي بسفك دم المواطن، والآخر الشرعي الذي لا يعنيه هذا المواطن.
التمسك بالمحافظين من قبل الشرعية للمناطق المحتلة ، نعرف تبريره السياسي وربما نتفق معه، وهو عدم إسقاط التوصيف القانوني لتبعية كل اليمن ولو بالإسم للدولة المطاح بها وعدم شرعنة الإنقلاب ، ولكننا لا نستطيع أن نفهم هذا السفه والبذخ لقوى عاطلة ، في مناطق يتراكم بين ناسها حالة التحفز للرفض ، ولا تمتلك أبسط أدوات الدعم ، وبالنتيجة تمرير رسائل محبطة عنوانها إنسوا شيء إسمه زعزعة إستقرار المحتل ، وشل قدرته القمعية، بتشتيت قواه عبر مناطق إستنزاف متعددة في أكثر من منطقة مختطفة، رسالة مفادها إنسوا ثقافة المقاومة.
إذا كان ل إب وهي تاريخياً معقل الثوار ومنها إنبثق مارد سبتمبر علي عبد المغني ، تسعون مليون وهي محافظة لا تتغول فيها القبيلة ولايُبنى بفعل غياب الدعم الرسمي ،على تاريخها زخماً نضالياً أكثر مما هو عليه الأن من بطولات ، فقس على هذا المحافظات القبلية التي تتمسك بتراتبية رأس الهرم الإجتماعي وتدعي بعنصرية صفوتها القبلية ، في ذمار وعمران وصنعاء وصعدة غيرهم، كم تستنزف من مليارات مخصصات بلا إسم وبلا معنى ، يدها لاتطول دعم المشاريع لإغترابها خارج الجغرافية ، ولا تؤسس لفرق تصد ولا ترفع السلاح في وجه المحتل الداخلي.
في وضع الجوع الذي يضرب الشعب في عمق إحتياجاته ويدمر إنسانيته ،ويسلبه قوة عملته الشرائية ، يتضخم الجسم الإداري للشرعية، وتتوزع تسميات نهب المال العام بالعملات الصعبة، من سفارات إلى مؤسسات وأفراد ،هم أقوى من توجيهات الرئاسة والحكومة وقرارتهما بمزاولة مهامهم من الداخل ، جهات منتفعة تصل هيمنتها حد تشكيل لوبيات ضغط .
من يقرأ أرقام الصرف على المحافظين ،والمناطق العسكرية غير المتماسة مع جبهة الحوثي ، يدرك جيداً إن إستمرار الحرب حاجة تغذي الفساد المؤسسي، وتنهب مدخرات وقوت الشعب، وبالتالي يبقى إستعادة الدولة ضمن الأمور المؤجلة حتى إشعار أو بلا إشعار آخر.
يجب إسقاط السرية عن موازنة مسميات كرتونية زائفة للمقاومة ، وربط مخصصات المحافظين بأداء حقيقي مقاوم في عمق سيطرات الحوثي، لا كأرقام خارج المساءلة ومليارات فلكية على الورق تذهب للحسابات المشبوهة الخاصة .
نعم نحتاج لمقاومة حقيقية على الأرض، ولكننا لانحتاج للصوص بإسمها.