الحوثي الحلقة الأضعف في هرمية أذرع إيران
B-2 للمرة الأولى تستخدمها الولايات المتحدة في مهاجمة معاقل الحوثي وعصبه التسليحي الحيوي ، وهي قاذفة قنابل إستراتيجية تستهدف المواقع الأشد تحصيناً وعمقاً في الكهوف وتحت الأرض.
الحوثي تلقى الضربة القاصمة بقليل من ردود أفعال ، إلا من القول الباهت سنرد ، وهو رد لم يعد له معنى بعد أن تجاوزت السياسة الإمريكية مرحلة الترضيات والإحتواء الناعم، بجعل تلك المقذوفات الحوثية قليلة الأثر، تمر بلا مواجهة حقيقية، تقصم ظهر البنية التحتية العسكرية للحوثي.
لا يهم إن رد الحوثي أو لم يفعل ، فقد تم وضع إطار أولويات يختلف عن سابقه ، إذ أصبح الحوثي ليس سياقاً منفصلاً بحد ذاته ،بل كجزء من حالة إقليمية يتم التعاطي معها ،وإعادة ترتيب أوراق المنطقة دفعة واحد ، بالمجمل وخارج مزايا سبق وإن تم تقديمها لصنعاء ، أهمها تسويق الجماعة كطرف سياسي لا كطرف إنقلابي مليشاوي ، إغتصب السلطة وأطاح بالشرعية الحاكمة.
الحوثي تفصيلة صغيرة ضمن مشروع كبير، يجري إعداد المنطقة لإستيعابه ، مشروع يحمل عنوان شرق أوسط جديد ، لا مكان فيه للأذرع الطائفية ، ولا مجال للتسامح مع زعزعة أمن وإستقرار الدول ، وفتح ثغرات في الأمن الإقليمي كي تمر منها المشاريع الإيرانية التوسعية.
بالتتابع تم تصفية القيادات ذات الحيثية الرمزية في بيئتها الحاضنة ، وهي خطوة تسبق المواجهة الكبرى مع إيران، وتحجيم تطلعاتها بالسلاح أو بالسياسة أو باثنينهما معاً ، فتم بوحشية همجية تسوية غزة بالأرض وتصفية قياداتها الحمساوية ، وإعادة الإعتبار لمنظمة التحرير الفلسطينية بطروحاتها غير العنفية ،كممثل وحيد للشعب الفلسطيني، وكذا حال حزب الله الذي غدا بلا فعالية أو قدرة على إدارة المعركة من دون قيادات سياسية وميدانية ، وفي سورية يتجه النظام بتشجيع خليجي لتطبيع أوضاعه مع المجتمع الدولي، مقابل الخروج من دائرة التبعية لإيران ومليشياتها المذهبية ، وسيعاد إنتاج ذات الخيار مع العراق الحديقة الخلفية لطهران .
الحوثي هو الحلقة الأضعف في هرمية أذرع إيران ، على الرغم من الموقع الجيوسياسي الذي يسيطر عليه، وتمركزاته في منطقة تزاوج بين حركة التجارة والثروات ، وبالتالي تصفيته باتت ضرورة موجبة غير قابلة للإرجاء ، لا كفصيل بل كجزء من رسم خارطة جديدة شرق أوسطية، تقوم على المصالح المتبادلة بين الدول، ورسم إطار تعاون عسكري ، فيه إيران لا إسرائيل العدو الأول على مقياس سُلّم القراءات الخليجية ، مع تطبيع كامل مع كيان الإحتلال يمنح الشعب الفلسطيني صفقة الحل المجزوء ،يزيح حماس من المعادلة ، ويقدم منظمة التحرير بخطابها غير الراديكالي كممثل شرعي ووحيد بلا منازع.
دول الخليج والرياض تحديداً مع هذا الخيار المسمى بالسلام الإبراهيمي ، الذي يتم الآن تدشين أولى فصوله بتسوية الساحة ، وتنظيفها من الكيانات مادون الدولة ، والحوثي يقع في صلب ترتيب أوراق وأوضاع منطقة يراد لها أن تكون بلا مليشيات طائفية ، وبلا رقعة نفوذ لإيران خارج حدود دولتها .