الغارات الجوية الأمريكية والبريطانية: تحجيم الحوثيين أم ضبط التوازنات الإقليمية؟"

Author Icon توفيق الحميدي

أكتوبر 5, 2024

اليمني الجديد

الغارات الجوية الأمريكية والبريطانية الأخيرة على صنعاء والحديدة تثير تساؤلات كثيرة حول الغاية منها وتوقيت تنفيذها. هل تشكل هذه الضربات تحولاً نوعياً في مسار الحرب، أم أنها مجرد تكتيك لضبط التوازنات الإقليمية؟ وما الذي تسعى إليه الولايات المتحدة والمملكة المتحدة فعلاً: هل هو إضعاف قدرات الحوثيين فقط أم اجتثاثهم بشكل كامل؟ هذه الأسئلة تحمل أبعاداً أوسع، مرتبطة بالتحولات في الشرق الأوسط، خاصة بعد مرور عام على "طوفان الأقصى" الذي أطلق شرارة جديدة للصراع.

الغارات الجوية: هل هي تطور نوعي؟
تشير الضربات الأخيرة علي جماعة الحوثي في صنعاء والحديدة إلى تحول تكتيكي، لكن ليس بالضرورة تحولاً استراتيجياً كبيراً في مسار الحرب. فالضربات لم تستهدف فقط مواقع عسكرية للحوثيين، بل تعدتها إلى استهداف قيادات بارزة، وهو ما يشير إلى رغبة الغرب في الضغط على الحوثيين ولكن دون الدخول في حرب شاملة معهم. يبدو أن هذه الضربات تُعد جزءًا من استراتيجية أوسع تهدف إلى تحجيم قدرات الحوثيين العسكرية وليس اجتثاثهم تماماً.

الأهداف الحقيقية للغارات
في حين أن الحوثيين يشكلون تهديدًا للسعودية ودول التحالف العربي، فإن السياسة الأمريكية والبريطانية تجاه الحوثيين تأخذ منحى أكثر تعقيداً. يبدو أن الهدف الحقيقي هو إضعاف الحوثيين بشكل يجعلهم أقل قدرة على تهديد المصالح الإقليمية، خاصة في الملاحة البحرية عبر البحر الأحمر ومضيق باب المندب. هذا الممر المائي الحيوي يمثل شريانًا استراتيجيًا للتجارة الدولية، وأي تهديد له يعد خطرًا مباشرًا على المصالح الغربية.

في المقابل ترى الولايات المتحدة بقاءهم كقوة ضعيفة في الشمال اليمني قد يكون مفيداً للحفاظ على توازن القوى في المنطقة العامة ، وورقة لجر ايران الي مفاوضات خفض التصعيد ، وبناء قواعد اشتباكات جديده ، خاصة بعد الضربات التي تلقها حزب الله رأي حربه المحور ، مما قد يجعل الحوثيين ورقة مغرية للتفاوض ، وجعلها مركز الثقل بدلا من الحزب الرابض علي حدود اسرائيل ، ويشكل قلق امني لها .

السياق الإقليمي الأوسع
الغارات الجوية تأتي في وقت تتصاعد فيه الأزمات الإقليمية، حيث دخلت الجماعات الشيعية المرتبطة بإيران في العراق واليمن ولبنان بشكل مكثف في النزاعات. حزب الله في لبنان الرابض في شمال الأرض المحتلة ، ويمتلك قوة صاروخية وبشرية لا يستهان بها ، على سبيل المثال، يشكل تهديدًا مباشرًا لإسرائيل، خاصة بعد طوفان الأقصى ، وانخراطه في الاعمال القتالية ، وهو ما دفع التحالف الغربي-الإسرائيلي للتخطيط لإضعافه سياسيا باستهداف قياداته السياسية وعلي رأسه امينه العام حسن نصر الله ،  وعسكريا بحيث يصبح اقل قدره علي شن هجمات ضد إسرائيل ، وتهديد امنها القومي ، وهو امر وضعته إسرائيل في اجندتها الطارئة منذ زمن بعيد توجتها بما يسمي بمعركة البيجر ، الذي استهدفت اكثر من ٤٠٠٠ من انصار وأعضاء الحزب في اختراق امني كبير ، كشف الحزب وجعله سهل الاصطياد للكيان الصهيوني . سواء من خلال استهداف قياداته أو عبر إضعاف قدراته العسكرية.
الهدف النهائي من هذه الاستراتيجية هو إجبار حزب الله على التراجع إلى شمال نهر الليطاني، وهو ما سيكلف إسرائيل ثمنًا باهظًا على المستوى العسكري، لكنه سيضمن أمنًا أكبر لها على المدى الطويل.

حزب الله ليس العدو الوحيد

حزب الله لا يشكل  التهديد الوحيد الخارجي الذي تواجهه إسرائيل ؛ حاليا ،  فالفصائل المسلحة في العراق التي تدعمها إيران أصبحت هي الأخرى مصدر قلق كبير، خاصة بعد الهجمات بالطيران المسير الذي استهدف قواعد عسكرية وادي  الي مقتل واصابه عشرين جندي إسرائيلي ، وكذلك جماعة الحوثي وان كان اثرهم المباشر اقل بكثير من الفصائل العراقية ، لكن علي المستوي الدول هم اكثير ضررا باستهداف السفن في طرق الملاحة الدولية ، وتهدف الجماعة في الانخراط في هذا الصراع تحت لافته " دعم غزة" ، تحقيق مكاسب داخلية وخارجيه علي المستوي الشعبي لا علاقة لها بالحرب

السيناريوهات المستقبلية
من المرجح أن تركز إسرائيل في المرحلة المقبلة على  إضعاف الفصائل العراقية المسلحة التي استطاعت توجيه ضربات موجعة للقواعد الإسرائيلية. وتعتبر هذه الجماعات، بالنسبة لإسرائيل، جزءًا من التهديد الإقليمي الأوسع الذي تسعى إيران إلى تأجيجه عبر وكلائها. النقاشات الدائرة في الأروقة السياسية الإسرائيلية تشير إلى إمكانية تنفيذ عمليات عسكرية واسعة ضد هذه الفصائل لشلّ قدراتها ومنعها من استهداف المصالح الإسرائيلية.

توفيق الحميدي

زر الذهاب إلى الأعلى