صوت أيوب طارش المحتكر
ما الذي يجعل دولة تسمح لقناة يوتيوب بأن تحتكر صوت الفنان أيوب طارش؟ هذا الصوت الذي ردده الأطفال في المدارس كل صباح، وغناه الأبطال على الجبهات، وتحول إلى جزء لا يتجزأ من وجدان اليمنيين. هل يعقل أن نترك النشيد الوطني والسلام الجمهوري، ناهيك عن العشرات من الأغاني الوطنية، رهينة لنظام احتكار إلكتروني لم يوفر للفنان سوى ألف دولار منذ تأسيس قناته؟
أيوب طارش، الملحن الذي صدحت حنجرته بأناشيد الحرية، يُعامل اليوم كأنه مجرد رقم على منصة إلكترونية. الرجل الذي اضطر إلى مغادرة منزله في تعز بعدما تضرر، يعيش في صنعاء بإيجار، ويعتمد على ما يجود به الأصدقاء والمحبون. هل هذا جزاء رجل رفع اسم اليمن بصوته وفنه؟ حتى قناته على اليوتيوب، التي من المفترض أن تكون مصدرًا للدخل، لم تجنِ له منذ تأسيسها وحتى اليوم سوى ألف دولار فقط، وليس كما يظن البعض أنها تدر له دخلاً ثابتاً.
إلى متى سيظل الفن في اليمن وسيلة لتأمين لقمة العيش في أرذل العمر؟ أين الدولة؟ أين مجلس القيادة الرئاسي؟ أين وزارة الثقافة؟ هل تحولت الحكومة إلى متفرج في مسرح من العبث؟ الرجل الذي لم يسجل أي حقوق فكرية لأعماله بسبب اندثار شركة "13 يونيو" المحلية، الآن يُترك لمصيره تحت رحمة المشاهدات الضئيلة على اليوتيوب.
التاريخ يعلمنا أن الأمم التي لا تكرم فنانيها وتعتني بإرثهم الثقافي والفني تُكتب نهايتها. ألا تتعلم وزارة الثقافة من قصص الأمم التي أنقذت فنانيها من الفقر والإهمال؟ فرنسا، مثلاً، حولت فنانينها العظماء إلى أساطير، بينما نترك نحن فناننا الكبير أيوب طارش يتسول الحقوق الفكرية على الإنترنت.
على الدولة أن تتدخل، وتمنح أيوب طارش مكانةً تليق بتاريخه. لن يكلف ذلك أكثر مما تكلفه الحملات الإعلامية الفارغة أو تعيين لجان جديدة بلا فائدة. نحن بحاجة إلى أفعال، وليس أقوال.