لا مقارنة بين الإنتقالي والحوثيين
الحوثيون حركة شوفينية دينية لا تستقيم مطلقًا مع العصر الذي نعيشه ، أو لما نروم له من تطلعات شعبية جمهورية ديمقراطية .
بينما المجلس الإنتقالي كيان سياسي أوجدته الظروف الناشئة بسبب الحرب ومترتباتها ، ايًا كان اختلافنا معه نتيجة اخفاقاته في إدارة الحالة الطارئة .
فقدان الكفاءة والخبرة لا يعني مماثلته بالجماعة الحوثية ، فلا توجد ثمة مقاربة بين الأثنين ، فالإنتقالي وإن بدت الفجوة عريضة بينه وبين مناوئيه ، يبقى بالحصلة جمهوريًا شعبيًا جنوبيًا يمنيًا .
صحيح أن مظاهر التكسب والمحسوبية الناتجة عن استغلال السلطة في عدن تشبه ممارسات الجماعة السلالية في صنعاء ، لكن هذا التشارك في بعض السلوكيات لا يجعلنا نماثل المكونين ونضعهما في ميزان واحد .
فشتان ما بين حكام عدن وصنعاء ، فالسيد عبد الملك وعترته الطاهرة النقية ، اتخذوا من الدين ومروياته مرجعًا مضللًا غايته الحكم والاستئثار به وراثيًا وجينيًا ، وباسم الله والرسول ، فما هو ثابت ويقيني لديهم أن الحكم لا يكون لغيرهم ، فحق الولاية تستوجب فقط الولاء والطاعة العمياء .
صك سماوي مُنح لهم كي يسلبوا الناس حقهم بدعوى الخُمس الذي هو حقًا لله ورسوله والمؤمنين والمساكين وابن السبيل ، وهو ما شرَّعه المذهبين المالكي والحنفي بالمال العام ، وبات معلومًا ومعمولًا به بهذا المعنى منذ قرون خلت ، ولا أعلم كيف لعاقل قبول إعطاء ماله لفئة ولمجرد انتسابهم جينيًا لرسول الله .
هذه الجماعة تريد إخضاع اليمنيين وإعادتهم إلى معارك صفين بين علي ومعاوية ومن ثم بين الحسين ويزيد ؛ إلى زمن الأوس والخزرج والمهاجرين .
نعم إعادة اليمنيين ١٤٤٥ عاما ، وكل هذا اللف والدوران في سبيل أن يتربع سادة قريش فوق رؤوس ورقاب كافة المسلمين .
وأيًا كان اختلافنا مع عيدروس الزبيدي وأتباعه ، ففي المحصلة ليس لهم غير الدستور والقانون والنظام الجمهوري ، فمهما طال بقائهم أو ضاق الناس من ممارساتهم غير نزيهة ، يبقى الزبيدي شخصًا من عموم الشعب .
وبكل تأكيد سيذهب عاجلًا أو آجلًا ، كان قائدًا شجاعًا وملهمًا مثلما يراه اتباعه ، أو كان نمرًا من ورق مثلما يراه خصومه أو من راهن عليه وخذلهم ، أو هكذا يرونه .
كما وخطابه وأسلوبه كان محبطان ومربكان لخصومه أو لشركائه من دعاة استعادة الدولة اليمنية قبل الجنوبية .
ومع كل ما قيل وسيقال من ثناء أو قدح ، الزبيدي وأتباعه يستحيل مقارنتهم بزعيم وجماعة سلالية لا ترى في اليمن واليمنيين غير أغلبية عبيد ينبغي أن يخضعوا لأقلية اسياد ، وهذا التمايز جيني عنصري لا صلة لها البتة بكفاءة أو نزاهة أو اختيار شعبي ديمقراطي .
الزبيدي وأتباعه إذا ما قدر وجلسوا مع مناوئيهم على طاولة واحدة ، فالأختلاف معهم يمكن حصره بجمهورية مستقلة جنوبًا عن الشمال ، أو إقليم جنوبي ضمن كيان الدولة اليمنية .
فيما زعيم الجماعة الحوثية يستحيل مناقشته أو الحوار معه وأتباعه ؛ فهؤلاء غايتهم الولاية والعصمة والسمع والطاعة والتسليم الكلي بحق العترة الشريفة بالسلطة والغنيمة والافضلية عن سائر ذرية آدم وحواء .
كذبة تم اختراعها حيلة والتفافًا على الأنصار والمهاجرين في المدينة ، ومنذ ذلك الزمن ورقاب وحياة المسلمين تم إخضاعها لهذا المنطق السقيم وغير العادل .
منطق لا أصل له في الدين الإسلامي ، كما ولا علاقة له بما حدث من استئثار جائر من قبل جماعات طائفية سلالية عنصرية تتقاطع كليًا مع غاية وقيم الدولة الوطنية العادلة ومع مبادئ الجمهوريين شمالًا أو جنوبًا .
الجماعة الحوثية في صنعاء يعتقدون أنهم استعادوا حقهم الشرعي والتاريخي الذي فقدوه زمنًا بسبب الثورات الجمهورية أو الملكيات التي ضلَّت طريقها أو أنتزعت منهم ، وفق اعتقاد راسخ ومتجذر في ذهن بنو هاشم خصوصًا والقرشية عمومًا ..
المجلس الإنتقالي في عدن يعتقد هو واتباعه أنهم استعادوا جمهوريتهم ، أو أنهم يجاهدون لأجل استعادة هذه الجمهورية وبأي ثمن وطريقة ، وهذه الغاية كافية لأثبات الفارق الجوهري بين المكونين المسيطرين على صنعاء وعدن ..