الصحوة المأربية: حقوق أبناء مأرب بين الفساد وتحديات النزوح
بخصوص الصحوة المأربية الجارية هذه الأيام والتي ترفع شعار الحرب على الفساد وحقوق أبناء مأرب، من المهم توضيح بعض النقاط، وإن كانت فرعية.
فمن الصحي أن يدرك الجميع أن المطالبة بحقوق أبناء مأرب ليست بالضرورة على حساب ضيوف مأرب،
وأن حقوق أبناء مأرب يفترض أن تسير في خطين متوازيين مع حقوق غيرهم من أبناء المحافظات الأخرى، خطين مهما امتدا لا يتقاطعان،
وهذا هو الوضع الطبيعي للحال. ومن يحاول أن يحرف المطالبات الحقوقية بقصد أو جهل إلى تعارض فهو يضر بمسعى نيل حقوق الفريقين بخلق نزاع غير ضروري بينهم.
مجتمع مأرب مجتمع ريفي يعرف أفراده بعضهم بعضًا دون الحاجة إلى شهادات الميلاد،
ولا يكاد مأربي لا يعرف الآخر من خلال اسمه. إذا لم يعرفه بصورته أو لكنته، فإنه بالتأكيد يعرف أحد أقاربه ويعرف الأسرة التي ينتمي لها.
أما إخواننا ممن أجبرتهم الظروف على النزوح إلى مأرب، فنقف معهم في جميع مطالبهم وحقوقهم طالما أنها لا تتعارض مع حقوق غيرهم. ندرك أن معظمهم طالتهم سكاكين فساد السلطة كما طالت أبناء مأرب، ومعاناتهم قد تكون أسوأ لأنهم بين نارين نار النزوح عن الديار ونار فساد السلطة التي يقعون تحت إدارتها.
ولكن كل هذا لا ينبغي أن يكون مبررًا لتهميش أبناء مأرب.
و الوضع الذي تعيشه البلاد استثنائي، فلا شهادات الميلاد تجعل صاحبها مأربيًا، ولا البطاقة الشخصية تجعل المأربي صنعانيًا أو الصنعاني عدنيًا أو العدني حضرميًا، والبلد بأكملها تحت البند السابع.
والواقع أن حقوق مأرب لم تضيع و تُستباح طوال هذه السنوات بسبب أن غيرهم قام بتغيير شهادات ميلادهم، بل ضاعت لأن القائمين عليها مهرجون فاسدون. على سبيل المثال، فيما يخص المنح الدراسية، يتم إسقاط أسماء أبناء مأرب المستحقين من كشوف المنح، وعرقلة التعزيز المالي وهم يعرفونهم شخصيًا دون شهادات ميلاد، ليتم استبدالهم بمن ارتضتهم قلوبهم المريضة، ليس لأنهم لا يعرفون أنهم من أبناء مأرب، ولا لأن البدلاء يحملون شهادات ميلاد مأربية، بل لأنهم لا يقدرون المواقع التي أوصلتهم إليها الصدف ويشعرون بأنهم محميون بجيش إعلامهم من أي نقد أو محاسبة. وقس على ذلك جميع حقوق مأرب في الوظيفة العامة وغيرها.
ولو كان القائمون على هذه المسؤوليات أشخاصًا جديرين بها لما حصلت هذه المشاكل، ولو حصلت لعرفوا كيف يعالجونها.
ولكن ابتلانا الله بمسؤولين فاسدين وفاشلين محاطين بقطعان المطبلين.
إنما الحمد لله، الصحوة المأربية الجارية لن تتوقف إلا بإزالة الفاسدين ومحاسبتهم،
واللي على راسه بطحة يحسس عليها.