الحرب التي كان ضحيتها الاطفال "عمل الحوثيين لفرض التجنيد الأجباري ورموا للاطفال في جحيم الحرب "

الأخبار المحليةالتحقيقات

محمود عبد الله +| اليمني الجديد

انعكست الحرب سلباٍ على الأطفال في اليمن، فقد أنهت واقع حياتهم الطبيعي وفرضت عليهم الخوف والتشرد والضياع، والانقطاع عن التعليم ،ساهمت مليشيات الحوثي في تجنيد الاطفال في مناطق سيطرتها في المعارك لصالحها، ووزعتهم  في مناطق خطيرة ، وهذا ما أدى لقتل الكثير منهم بعد أن استخدمت جماعة الحوثيين، تأثيرها ونفوذها في المدارس والقبائل والأرياف في وضع الاطفال ضمن عملياتها العسكرية كجنود .

أتجهت الأطراف المتصارعة في اليمن، على ارتكاب الكثير من التجاوزات، عندما جندت الأطفال في معاركها لتحقيق انتصار على الارض، فيما كان هناك مئات القتلى وربما أكثر ،حيث لا توجد احصائية دقيقة عن الاطفال الذين سقطوا في تلك المعارك .

منظمة هيومن رايتس ووتش ركزت على نشاط الحوثيين في تقرير لها في فبراير بداية العام 2024، وضحت فيه أن الحوثيين يقولون إنهم جندوا الآلاف في قواتهم المسلحة منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، ويفيد نشطاء أن الجماعة المسلحة تجند أطفالا لا تتجاوز أعمار بعضهم 13 عاما، وهناك تجنيد لإطفال تقل أعمارهم عن 15 عاما هو جريمة حرب.

وقالت المنظمة في 10 أكتوبر/تشرين الأول، ألقى زعيم حركة الحوثيين، المعروفين أيضا بـ "أنصار الله"، عبد الملك الحوثي خطاباً دعا فيه الناس إلى الاستعداد للدفاع عن فلسطين، ردا على الفظائع خلال القتال بين القوات الإسرائيلية والفصائل الفلسطينية المسلحة في غزة منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول".

وكشفت أن الحوثيين الأطفال يجندون الأطفال بشكل ممنهج في اليمن منذ العام 2009 على الأقل، إلا أن إقدامهم على تجنيد ثيين للأطفال زاد بشكل ملحوظ، في الأشهر القليلة الماضية وسط الأعمال القتالية في غزة.

يعتبر الحوثيين أكثر الأطراف التي ساهمت في مقتل الاطفال، عندما قامت بالتأثير عليهم أو ضغطت على أهليهم، لضمهم إلى صفوفها، وشُهد أطفال في سن يصل إلى 12 عاما وهم يتوزعون في نقاط الحوثيين في المدن وفي الجبهات، وقُتل الكثير منهم أثناء المعارك فيما أسر العشرات منهم بعد هزيمة الحوثيين في العديد من المناطق اليمنية.

قالت نيكو جعفر نيا  باحثة اليمن والبحرين في هيومن رايتس ووتش: "يستغل الحوثيون القضية الفلسطينية لتجنيد المزيد من الأطفال من أجل قتالهم الداخلي في اليمن ،ينبغي للحوثيين استثمار الموارد في توفير الاحتياجات الأساسية للأطفال في مناطق سيطرتهم، مثل التعليم الجيد والغذاء والمياه، بدل استبدال طفولتهم بالنزاع"

وأفادت المنظمة أن الحوثيين جندوا آلاف الأطفال منذ بدء النزاع في اليمن العام 2014. وتحققت  "الأمم المتحدة" ممّا لا يقل عن 1,851 حالة فردية لتجنيد الأطفال أو استخدامهم من قبل الحوثيين منذ العام 2010.

وتؤكد  العديد من المنظمات مثل  "المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان" و"منظمة سام للحقوق والحريات"، وهي منظمة مجتمع مدني يمنية، أن الحوثيين جنّدوا  أكثر من 10 آلاف  بين 2014 و2021.

كما جندت  الحكومة اليمنية الأطفال طوال فترة النزاع ،على الرغم من خطة العمل لإنهاء تجنيد الأطفال التي وقعتها مع الأمم المتحدة العام 2014.

جرائم  تجنيد الأطفال

شوقي عبد العليم ناشط حقوقي يمني  أعتبر واقع تجنيد الاطفال في الأطفال في اليمن أنه الأخطر ،وهذا حسب رأيه يمثل مؤشر على طبيعة غياب الضوابط ،التي تجعل الاطفال محميين من أطراف النزاع، إذا أتجهت العديد من الأطراف إلى تجاوز العديد من القوانين ،ومارست تجنيد الاطفال ووضعتهم في مناطق المواجهات .

وقال شوقي لموقع اليمني الجديد " الحوثيون وضعوا الاطفال واستثمروهم في الحرب، بل عملوا على اختراق المدارس وتعيين شخصيات تابعة لهم في الجوانب التعليمية والمدرسية، وهي من جندت مئات الأطفال وكان الاطفال يخرجون من المدارس، التي تكون قيادتها حوثية ويفضلون المشاركة والتجنيد ،وهذا يدل على شكل السياسات التي تمثل امتداد على تجربة الحوثيين في استغلال الاطفال "

جند الحوثيين آلاف الاطفال ،وتسببوا في مقتلهم وضغط الحوثيين بكل الطرق ،في انخراط الاطفال في صراع هم من صنعوا للسيطرة على المدن اليمنية.

مركز صنعاء للدراسات الإستراتيجية تحدث عن وجود ثغرات في الإحصاءات المتعلقة بالأطفال المجندين في اليمن في تقرير له في 7 أكتوبر 2024، ووضح أن ذلك جعل المعلومات  الموجودة تنحصر  غالباً في ممارسات الحوثيين، كون الجماعة تُجند الأطفال على نطاق أوسع بكثير ،مقارنة بالجماعات المسلحة الأخرى في اليمن.

وحسب التقرير فإن المسؤولون الحوثيون يتجهون عن كشف الأرقام بكل فخر، أما في المناطق التي تسيطر عليها القوات المناهضة للحوثيين "فالصورة ضبابية نوعا ما فيما يتعلق بتجنيد الأطفال؛ ففي تلك المناطق – بما في ذلك مأرب وشبوة – تبدو القوات المتحالفة مع الحكومة أقل ميلا إلى تجنيد الأطفال، وأقل استعدادا للكشف عن هكذا ممارسات عند حدوثها."

يقول مركز صنعاء "أجبر الحوثيون القبائل على دعمهم بالمقاتلين، بمن فيهم الأطفال، في ظل جهود التعبئة العسكرية المتواصلة التي تبذلها الجماعة للحرب، كما أدى فرض الإتاوات والضرائب الكبيرة، وانقطاع رواتب الموظفين العموميين، وتشديد الرقابة على النظام التعليمي إلى تنامي ظاهرة تجنيد الأطفال، من خلال المراكز الصيفية لتلبية احتياجات التعبئة العسكرية للحوثيين"

وأضاف المركز تشكل المصاعب الاقتصادية والمعيشية ،دوافع أخرى ساهمت في تعزيز هذه الظاهرة رغبة من المجندين في تلقي المساعدات الغذائية، أو توفير الدخل، أو ببساطة تجنب العقاب.

تدمير الطفولة لصالح أطراف الحرب

عبد العزيز دبوان ناشط حقوقي يرى أن الكارثة في تجنيد الاطفال ،أن الاطراف المتصارعة وضعت الاطفال في واقع  الموت بشكل أكبر ، وذلك من خلال طموح الحوثيين الذين أكثر من فرضوا التجنيد على هذه الفئة، وعملوا على اجبارهم والتأثيرهم بكل الطرق على تعبئتهم، بل جعلوا الاطفال يشاركون في معارك أدت إلى موتهم .

وقال عبد العزيز " يمكن النظر إلى جريمة تجنيد الاطفال في اليمن من خلال على أن هناك استغلال لضعف هذه الفئة ومدى تأثرها وعدم نضجها ،وذهب الحوثيين  لتجنيد وتسليح الاطفال لجعلهم يذهبون إلى مناطق خطرة ،وهي تشهد قتل وصراع ،وهناك قتال  عنيف في هذه الجبهات، بينما كانت مليشيات الحوثي هي السبب في أكثر الجرائم التي تسبب بقتل آلاف منهم"

قناة (DW) الالمانية أعتبرت ظاهرة تجنيد الأطفال،  على أنها واحدة من أبرز صور انتهاكات حقوق الإنسان خلال الحرب الدائرة في اليمن منذ سنوات، وثقت خلالها تقارير حقوقية العديد من الحالات لدى مختلف الأطراف، لاسيما جماعة الحوثيين، والتي شكلت أكثر من 77 بالمائة من حالات تجنيد واستخدام الأطفال الموثقة في تقرير الأمم المتحدة السنوي عن الأطفال ومناطق النزاع، في حين بلغت الحالات الموثقة للتجنيد في القوات الحكومية ما نسبته 16 بالمئة"

خلال فترة الحرب الممتدة في اليمن منذ انقلاب الحوثيين، قتل مئات الاطفال خلال المعارك، حيث كان الاطفال في جبهات القتال هي  الأخطر، والتي ترك فيها الحوثيين الأطفال لمصيرهم، فلم يكن هناك قدرة للاطفال في المواجهة وتحمل قسوة ظروف المعارك واهوالها .

يوضح عبد العزيز دبوان أن مليشيات الحوثي ،هي من شكلت الخطط ونظمت لكل السياسات التي من خلالها  تم تجنيد الاطفال ،فهي من سيطرت على كل الامكانيات وسيطرت على التعليم ،لتشكيل عقلية الاطفال حيث تمثل المدارس بوابة التجنيد والتحشيد ،بل أن الحوثيين فيما بعد سعوا إلى رفع رسوم الدراسة في المدارس ، من أجل اغلاق باب التعليم أمام الأسر الفقيرة ،ودفعهم للانخراط في الالتحاق مع الحوثيين.

 

زر الذهاب إلى الأعلى