الاستيلاء على أراضي عدن.. نكسة تعرقل الاستثمار وتحرم المدينة من الخدمات
التحقيقات
اتسعت عمليات نهب الاراضي في مدينة عدن ضمن سياسة منظمة، واتسعت الآن لتشمل أراضي كانت للدولة، والاوقاف وجامعة عدن والنقل، ووصل الامر و إلى اقتطاع مساحات لم يتجاوزها أحد في السنوات السالقة .
ويقف وراء هذا النهب الجديد شخصيات نافذة ،وهو ما مثل نكسة كبيرة لدى المواطنين في المدينة، مع عمليات نهب الاراضي بهذه الضخامة والشكل، هذا الاستهداف للاراضي في عدن يمثل تجاوز للقانون والصالح العام حسب مختصين وسياسيين ، وتعدي على مساحات كان يمكن أن تظل يعيدة عن هذه التجاوزات لإنها ضمن ملكية الدولة ويمكن الاستفادة منها في الاستثمار وتوفير الخدمات والبنية التحتية الخاصة بالمدينة.
غياب الضوابط والقانون
أهم العوامل التي أدت لمواجهة نظام صالح بعد حرب 1994 ،من قبل الجنوبيين السياسيين والنشطاء ، وتطور ملامح القضية الجنوبية بكل ابعادها السياسية والانسانية والاقتصادية والحقوقية ،وهي في طريقة الاستيلاء والتصرف على أراضي كبيرة في العديد من المحافظات الجنوبية.
كان ذلك ضمن سياسة استغلت انتهاء الشراكة مع الحزب الاشتراكي، واعلان الحرب ثم محاولة قامت به القوى التقليدية "القبلية والاخوان "حزب الاصلاح" في اعتبار الاراضي الجنوبية غنيمة حرب ، وهذا جعل الاراضي مباحة للتملك والسيطرة من قوى وشخصيات قريبة من السلطة ،سواء المؤتمر الشعبي العام وحزب الاصلاح وقيادات عسكرية وقبلية
تطورت القضية الجنوبية بعد فشل كل المحاولات، التي قام بها ضباط وجنود مسرحين تم ابعادهم ما بعد حرب 1994، لتشهد المناطق الجنوبية تحرك كبير للمطالبة بحل المشكلة التي اخذت ابعاد واسعة ،وتبلورت ما بعد الحرب ، من خلال عدم اعادة المسرحين وتسليم مرتباتهم .
الرئيس السابق علي عبد الله صالح تحدث ذات مرة في أحد خطاباته، أنه لو قبل بحل بعض المطالب التي رفعت في بدأيتها من قبل بعض الجنوبيين ،فإن هناك من سيختار رفع المطالبات بشكل أكبر ،وكان رفضه في قبول تلك المطالب ،هو تهربه من عدم وضع معالجات حقيقية ،والاتجاه إلى الحلول الجذرية للقضية الجنوبية ضمن اطارها الحقوقي والسياسي.
يقف وراء هذا النهب الجديد في محافظة عدن شخصيات نافذة ،وهو ما مثل نكسة كبيرة لدى المواطنين في المدينة، مع عمليات نهب الاراضي بهذه الضخامة والشكل.
نهب منظم
عدم حل المشكلة الجنوبية في واقعها الحقوقي المشروع وكذلك اطارها السياسي، كان دائما مع سيطرة القوى التقليدية ،التي حاولت تجاوز كل الاتفاق لتعمل بعد ذلك لتقاسم واقع الاراضي في المناطق الجنوبية، التي كانت في فترة الحزب الاشتراكي تعود للدولة ولا يحق التصرف فيها ،ومع عدم وجود ملكية للمواطنين فإن هذه الاراضي صارت تحت تصرف شخصيات وقيادات عسكرية وسياسية كبيرة هي من أحكمت التصرف فيها واعتبارها ضمن أملاكها إلى جانب شخصيات تجارية ورجال أعمال .
حتى مع تشكيل صالح للجنة خاصة حول نهب الاراضي في الجنوب، والتي ترأسها عبد القادر علي هلال والدكتور ناصر علي باصرة ،لكن تلك اللجنة وضعت الحلول والمعالجات وحددت المشكلة والمساحات التي تم نهبها في الاراضي الجنوبية ،إلا أن نظام صالح وحلفائه لم يتجهوا إلى انهاء الوضعية التي كانت تمثل امتداد لمشكلة النظام ذاته، وعدم التزامه بالقوانين وايجاد معالجات في اعادة الاراضي التي تم الاستيلاء عليها، لكن كان تشكيل لجنة هلال وباصرة اعتراف ضمني من قبل نظام صالح ،للشكل والسياسات التي أستمرت بشكل ممنهج في نهب الاراضي في عدن وحضرموت ولحج وفق اجراءات سياسية وعشوائية.
لجنة هلال وباصرة شددت على تعويض المتضررين من المواطنين، الذين تم انتزاع أراضيهم بشكل غير قانوني، خاصة بعد حرب 1994 والغاء عقود البيع المشبوهة.
لجنة باصرة وهلال هي لجنة برلمانية يمنية وضعت للتحقيق في قضايا الفساد والانتهاكات، المرتبطة بأراضي الدولة في جنوب اليمن بعد الوحدة اليمنية وترأس اللجنة صالح باصرة وعبد القادر هلال ،وركزت اللجنة في معالجتها على قضايا الاستحواذ غير المشروع على الأراضي من قبل مسؤولين وشخصيات نافذة.
بعد تشكيلها واستمرارها في التحقيق والبحث عن واقع نهب الاراضي في المناطق الجنوبية ، وأصدرت اللجنة تقريرًا شهيرًا كشف عن فساد واسع النطاق، لكن التقرير لم يؤدِ إلى إجراءات فعلية لمعالجة الانتهاكات التي تم توثيقها.
وشكلت لجنة باصرة وهلال في عام 2007 من قبل البرلمان اليمني وذلك ضمن محاولة نظام علي عبد الله الاقتراب من واقع المشكلة، إلى جانب التحقيق في قضايا الاستيلاء غير القانوني على أراضي الدولة في المحافظات الجنوبية، بعد الوحدة اليمنية عام 1990. وقدمت اللجنة تقريرها الشهير في نفس العام، حيث كشفت عن فساد واسع النطاق تورطت فيه شخصيات نافذة ومسؤولون حكوميون.
لجنة باصرة وهلال تشكلت في عام 2007 من قبل نظام علي عبد الله صالح في محاولة منه في الاقتراب من واقع المشكلة النهب للاراضي والسطو على مساحات كبيرة منها.
اعادة الاراضي وحل المشكلة جذرياً
اللجنة طالبت بإعادة الأراضي المنهوبة ،واسترجاع الأراضي المصادرة بطريقة غير قانونية ،من قبل مسؤولين وشخصيات نافذة.
كما من التوصيات التي أحتوتها معالجات اللجنة تقوم على تعويض المتضررين من المواطنين الذين تم انتزاع أراضيهم بشكل غير قانوني، خاصة بعد حرب 1994 والغاء عقود البيع المشبوهة.
إلى جانب إلغاء أي عقود بيع أو تخصيص للأراضي، تمت بطريقة مخالفة للقانون ،واحالة المتورطين إلى القضاء ومحاسبة المسؤولين والشخصيات، التي استغلت نفوذها للاستحواذ على الأراضي.
لجنة" باصرة وهلال" طالبت بإصلاح مؤسسات الدولة، و إعادة هيكلة مؤسسات الأراضي والعقارات، لضمان عدم تكرار الفساد وسوء الإدارة ووقف التوزيع غير القانوني للأراضي
وركز التوصيات من قبل لجنة (هلال وباصرة ) على اصلاح مؤسسات الدولة، و إعادة هيكلة مؤسسات الأراضي والعقارات لضمان عدم تكرار الفساد وسوء الإدارة ووقف التوزيع غير القانوني للأراضي ،و وضع ضوابط صارمة لمنع التلاعب في توزيع الأراضي الحكومية.
استيلاء واسع على أراضي عدن
يصف الكثير من السياسيين والنشطاء عمليات النهب والاستيلاء على الاراضي في عدن، خلال السنوات 8 بإنها كبيرة، وأنها يمكن أن تمثل تطورا في خلق الاضطرابات وانعدام الحقوق.
معظم اشكال النهب في محافظة عدن ضمت اراضي الاوقاف وجامعة عدن، والعديد من المساحات التابعة للمنطقة الحرة والنقل، وهو ما يمثل شكل منظم من السياسات التي يسعى من خلالها متنفذون ،إلى تحقيق مصالح خاصة لا ترتبط بمستقبل مدينة عدن ،وتوسعها واستثماراتها سواء في البنية التحتية والاستثمار في الخدمات والمنطقة الحرة والجامعة .
عمليات النهب الجديد والاستيلاء على الاراضي في عدن، خلال السنوات الأخيرة، يمكن أن بمثل تطورا في خلق الاضطرابات وانعدام الحقوق.
ويؤكد الناشطون أن التعدي على هذه الاراضي سيكون بمثابة تطور في العديد من القضايا السياسية والحقوقية والاجتماعية، إذا أن عدم المحافظة على الاراضي والحقوق السياسية والاقتصادية قد يخلق قضايا وتوجهات سياسية واجتماعية في المستقبل .