الحوثيون يعيشون في خوف متزايد من حرب لم تبدأ لكنهم يتوقعون سقوطهم
التحقيقاتخالد عبد الغني+|اليمني الجديد
يتخوف الحوثيون من حرب قد تكون هذه المرة مختلفة، وهذا ما يجعل الحوثيون يحاولون فهم الطريقة والخطط العسكرية لحرب غير متوقعة، لكن أكثر ما يشغل الحوثيين الآن هو طبيعة وخطورة ما ستكون عليها حرب ،قد تشارك فيه كل الأطراف والقوى اليمنية ،ومن كل المساحات والمدن وبدعم اقليمي وغربي.
واقع القلق الذي تشعر به القيادات الحوثية سواء السياسية والعسكرية، يكمن من حالة السرية والاتفاق الذي تجمع عليه قوى سياسية وعسكرية يمنية مناوئه للحوثيين، وكذلك التحركات من خلال ما يبرز من مؤشرات سياسية وعسكرية، وواقع الثقة لدى القوى المناهضة للحوثيين في الدخول معها في حرب جديدة، وكذلك الخطط العسكرية والسياسية التي تقوم به اطراف غربية واقليمية لطي صفحة الحوثيبن للنهاية .
الحرب على الحوثيين هذه المرة ليست حرب عادية، بل حرب لن تقتصر على مكان أو مساحة ضيقة واشتباكات محددة، حيث يتم الأعداد لمعركة كبيرة يدركها الحوثيون وقد تكون نهاية لحقبة الجماعة ، بعد أن ظلت تتحكم بمساحات كبيرة حصلت عليها بعد اسقاطها للدولة في نهاية 2014، وتنفيذها حكم عائلي قام وفق خيارات ترسيخ السلطة كما لو كانت مقدسة، بيد شخصيات محددة هي من تضع الاولويات السياسية والاقتصادية والعسكرية وهي من تتحكم بالأموال والاقتصاد والتوظيف .
يعترف عبد العزيز ثابت سياسي يمني بضعف الاطراف الأخرى التي تقف أمام جماعة الحوثيين أو مناوئه له ، فهي لا تملك واقع مستقل في القرار السياسي والعسكري ، كما أن واقع التقاسم للجيش ما بعد انقلاب الحوثيين على الدولة ، قامت به اطراف سياسية وحزبية لتأمين وجودها وفرض أجندتها وهذا ما عرقل أي مواجهة حقيقية مع الحوثيين .
ما بعد سنوات الحرب لم يتشكل جيش فعال لدى سلطة المجلس الرئاسي والحكومة المعترف بها دولياً، وقبلها سلطة الرئيس عبد ربه منصور هادي ، ولم تبرز ملامح جيش حقيقي يتبنى عقيدة ومبدأ عسكري ، ليكون له الدور في اي مواجهة مستقبلية لتحرير اليمن والتأسيس للدولة الحقيقية في حال اندلعت حرب حقيقية.
الخامس السنوات الأولى ما بعد انقلاب الحوثيين على الدولة والمؤسسات ،كانت هناك حرب محددة التأثير لم تستطيع قوى الحكومة المعترف بها التحكم بمسار الحرب من البداية بخطة وقرار عسكري موحد.
بل أن الحرب ظلت مجزاءة وفق طبيعة سياسية الأطراف الداخلية والخارجية، وهو ما أكسب الحوثيين القدرة على التفرد والقيام بهجمات واسعة والتوسع في العديد من المناطق والمدن اليمنية( في الجوف ومأرب وتعز والحديدة ،بينما القيادات العسكرية في المناطق التي تحررت من الحوثيين ظلت تخضع لطبيعة الأطراف التي تسيطر عليها وتستثمرها في معاركها الخاصة.
طي صفحة الحوثيين
يستبعد اسامة ابراهيم الجميلي محلل سياسي وعسكري ،أن تكون هذه الحرب تخويفية أو لها بعد يقوم في الضغط على الحوثيين للدخول في اتفاق سياسي وعسكري ،حيث وصل الأمر في منتصف 2024 ليصبح هناك اجماع محلي واقليمي ودولي، على ضرورة ازالة الخطر الحوثي بكل سلطته ومساحته ،وعدم القبول بوجوده أو اعادة تعزيز دوره .
وقال اسامة ابراهيم لموقع اليمني الجديد " شكل سلطة الحوثيين القمعية،وصلت لتصبح ليست مقبولة من قبل اليمنيين الذين تحكمهم هذه الجماعة ، هناك فساد ونهب كبير تقوم به جماعة الحوثيين ،فهي صارت جماعة نهب وافقار، وليس هناك سلطات وقرارات تقوم على القانون والدستور، فالحوثيين استنزفوا اليمنيين ونهبوا ما يملكوه من أجل تثبيت سلطتهم .
وأضاف أن الحوثيين مارسوا سياسية تجويع واستغلال ولم يسلموا الرواتب ،وهناك انتهاك كبيرة حدث سواء من خلال ما تقوم الجماعة من قتل ونهب ،وفرض اتاوات وسجون وتعذيب وهذا يدل أن اليمنيين لم يعد لديهم الرغبة ببقاء الحوثيين .
هذا السياسة عززت قناعة اليمنيين، في أن بقاء جماعة الحوثيين ،يعني تدمير كل أنشطتهم السياسية والاقتصادية وكذلك اضعاف مستوهم المعيشي، بعد أن اتجهت الجماعة لفرض الأتاوات ونهب الاملاك والأموال والشركات ،لتحويلها لصالح الجماعة والقيادات الحوثية الحاكمة .
واستطاع الحوثيون عبر قياداتهم ومشرفيهم ،تملك مساحات كبيرة من الأراضي والعقارات ،ووصلت سياسات الحوثيين للاستيلاء على اموال اليمنيين بكل الطرق، وذلك ضمن خطط حوثية وسياسات عائلية، وترابط في الخطط والطموحات والسياسات ،ضمن عوائل وأسرة محددة ،لتكون لها اليد الطولى في الجوانب السياسية والإقتصادية والعسكرية .
وهذا يعد مؤشر على غياب وانعدام أي حاضنة سياسية واجتماعية من قبل اليمنيين للحوثيين فهذه القناعة ترسخت وأصبح لدى اليمنيين رغبة في تجاوز "السلطة الحوثي" والتي يعتبرها حسن عبد الله الحميىي وهو" خبير سياسي" جزء من الكارثة التي تشكلت في اليمن لتخلق كل هذا العنف والتفكك والفقر والحرب .
خريطة جديدة وخيارات مختلفة
تتشكل مع الاستعدادات القادمة للحرب، طبيعة المتغيرات التي تم التجهيز والاستعداد لها من فترة سابقة، خاصة فيما يرتبط بالتحالفات السياسية واعادة تحريك العديد من الملفات ،التي ظلت مغلقة ،إلى جانب محاولة الاطراف السياسية اليمنية والدور الاقليمي ليبدأ هناك ما يشبه الاعداد لواقع المرحلة التي تبدأ بعد نهاية الحوثي ،وتشكل سلطة جديدة .
يصف السياسي عبد العزيز ثابت وجود الحوثيين وحكمهم ،أنه كان كارثة عطلت الدولة والقوانين والسياسيات والاستثمار، ليبدو أن كل شيئ أصبح يخضع لملكية الحوثيين ونشاطهم الخاص، وسعيهم لإحتكار كل المجالات لمصالحهم الضيقة.
وقال عبد العزيز ثابت " الدور السعودي والإماراتي هو من شكل الخيارات الكارثية، فهو عطل واقع المؤسسات في المناطق التي لا تخضع للحوثيين ،وأصبحت الدولتان هي من تعيين السلطات والمسؤولين ،وتتحكم بالسياسات والخيارات، سواء تلك المرتبطة بواقع الدولة والقوانين، وتجاوزت السعودية والامارات شكل الدولة ،ليبدو هناك فشل في طبيعة السياسات التي تقوم في المناطق التي تسمى محررة"
واضاف ثابت أن هناك تخوف من قبل اليمنيين في مناطق سيطرة الحوثيين، أنه في حال سقط الحوثيين أن تظل السعودية والإمارات، هي من تتحكم بواقع القرارات والسياسات ،وهذا ما سيجعل الوضع يتدهور لما هو أسوأ ،لإن الدولتان فشلتا ،وأصبح دورهما جزء من المشكلة العميقة التي تعانيها اليمن سياسيا واقتصاديا وعسكريا.