قاضي التحقيق بانفجار مرفأ بيروت يستأنف عمله بعد عرقلته لمدة عامين

أخبار عربية

استأنف قاضي التحقيق في انفجار مرفأ بيروت طارق البيطار اليوم الخميس إجراءاته القضائية، بعد توقف لعامين، بالادعاء على 10 موظفين، بينهم سبعة مسؤولين عسكريين وأمنيين، على أن يبدأ استجوابهم الشهر المقبل، وفق ما أفاد به مصدر قضائي.

وستبدأ أولى جلسات الاستجواب في السابع من فبراير (شباط) المقبل، وسيقسم الملف إلى ثلاث مراحل أساسية، ووفق ما نقلته وسائل إعلام لبنانية، ستضم مرحلة الاستجواب الأولى 14 اسماً، ومن ضمنهم 10 شخصيات جديدة قرر البيطار ضمها إلى الملف.

وقال مصدر قضائي لوكالة الصحافة الفرنسية، طالباً عدم الكشف عن هويته، إن البيطار "استأنف إجراءاته في الملف، وادعى على ثلاثة موظفين في المرفأ وسبعة ضباط برتب عالية من الجيش وجهازي الأمن العام والجمارك".

وأوضح أن القاضي "سيبدأ اعتباراً من السابع من فبراير المقبل استجواب المدعى عليهم"، على أن يعقد جلسات تحقيق خلال شهري مارس (آذار) وأبريل (نيسان) مع المدعى عليهم السابقين، وبينهم وزراء سابقون ونواب وقادة أمنيون وعسكريون وقضاة وموظفون في المرفأ وإداريون.

ويعتزم البيطار إثر ذلك، وفق المصدر ذاته، اختتام التحقيق وإحالته إلى النيابة العامة التمييزية لإبداء مطالعتها بالأساس، تمهيداً لإصدار القرار الاتهامي.

عراقيل واجهت التحقيق

ومنذ اليوم الأول للانفجار، أحد أكبر الانفجارات غير النووية في العالم، عزته السلطات إلى تخزين كميات ضخمة من نيترات الأمونيوم داخل المرفأ من دون إجراءات وقاية إثر اندلاع حريق لم تعرف أسبابه، وتبين لاحقاً أن مسؤولين على مستويات عدة كانوا على دراية بأخطار تخزين المادة ولم يحركوا ساكناً.

وإثر الانفجار، عينت السلطات القاضي فادي صوان محققاً عدلياً، لكن سرعان ما تمت تنحيته في فبراير (شباط) 2021 إثر ادعائه على رئيس الحكومة حينها حسان دياب وثلاثة وزراء سابقين، بتهمة "الإهمال والتقصير والتسبب بوفاة" وجرح مئات الأشخاص.

واصطدم خلفه البيطار بالعراقيل ذاتها، لا سيما مع مطالبة "حزب الله" بعزله. وتسبب إصرار البيطار، المعروف ببعده من الطبقة السياسية الذي علقت عليه عائلات الضحايا آمالاً كبيرة لبلوغ العدالة، بأزمة قضائية غير مسبوقة، خصوصاً بعدما أحبط المدعي العام للتمييز حينها غسان عويدات محاولته استئناف التحقيقات مطلع 2023.

واصطدمت مطالبة أهالي الضحايا الذين تظاهروا مراراً خلال السنوات الماضية بتحقيق دولي، برفض رسمي في لبنان. وكثيراً ما دعت منظمات حقوقية دولية، بينها "هيومن رايتش ووتش" و"العفو الدولية"، وعائلات الضحايا، الدول الأعضاء في مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة بدعم إنشاء بعثة دولية مستقلة ومحايدة لتقصي الحقائق.

استقلالية القضاء

وبعدما تعهد الرئيس اللبناني الجديد جوزاف عون في خطاب القسم العمل على استقلالية القضاء، أكد رئيس الحكومة المكلف نواف سلام في أول خطاباته الثلاثاء العمل "بكل طاقتنا لإنصاف ضحايا انفجار مرفأ بيروت ولتحقيق العدالة لهم ولذويهم".

وقالت المحامية سيسيل روكز، وهي شقيقة أحد ضحايا الانفجار، إن "الوعود التي أطلقها رئيسا الجمهورية والحكومة ثم استئناف قاضي التحقيق اليوم العمل في الملف يجعلنا نشعر بأن ثمة أمل بأن حق الضحايا، الذين لم نتوقف يوماً عن المطالبة به، لن يضيع".

وفي ختام زيارة إلى بيروت أمس الخميس، قال مفوض الأمم المتحدة السامي لحقوق الإنسان فولكر تورك "انتهزت الفرصة لأدعو إلى استئناف التحقيق المستقل في الانفجار". وأضاف "أعيد التأكيد أنه يجب محاسبة المسؤولين عن هذه المأساة، وأكرر دعم مفوضيتنا في هذا الصدد".

متاهات سياسية

ومنذ عامين، غرق التحقيق القضائي في شأن الانفجار الهائل الذي وقع في الرابع من أغسطس (آب) 2020، وأسفر عن مقتل أكثر من 220 شخصاً وإصابة أكثر من 6500 بجروح، في متاهات السياسة، إذ قاد "حزب الله" حينها حملة للمطالبة بتنحي البيطار، ثم في فوضى قضائية بعدما حاصرت المحقق العدلي عشرات الدعاوى لكف يده، تقدم بغالبيتها مسؤولون مدعى عليهم.

وجاء استئناف البيطار لعمله أمس الخميس بعيد انتخاب عون رئيساً للجمهورية ثم تكليف سلام تشكيل حكومة، على وقع تغير موازين القوى السياسية في لبنان، بعدما تراجع نفوذ "حزب الله" في الداخل إثر حربه المفتوحة مع إسرائيل.

وتعهد رئيسا الجمهورية والحكومة في أولى خطاباتهما بالعمل على تكريس "استقلالية القضاء" ومنع التدخل في عمله، في بلد تسوده ثقافة الإفلات من العقاب.

المصدر: Independent عربية
زر الذهاب إلى الأعلى